بقلم إريك سولهايم، المدير التنفيذي للأمم المتحدة للبيئة
ليس من السهل دائما أن نكون متفائلين بشأن مستقبل كوكبنا.
لا يزال مستوى منسوب المحيطات آخذ في الارتفاع، وتموت بعض الأنواع من الكائنات الحية. ويعاني الملايين من الناس بدءا من الصومال وصولا إلى نيجيريا، من الجفاف المفرط. وعلى مسافة تبعد ساعة فقط بالطائرة عن مكاتبنا هنا في مدينة نيروبي يعيش آخر حيوان من حيوان وحيد القرن الشمالي من الذكور في العالم تحت حماية على مدار 24 ساعة لحمايته من الصيادين الجائرين في شمال كينيا. ومع مثل هذه الأمثلة، فيمكن أن يبدو الأمر بأنه ذو عبء ثقيل.
وما يبعث في نفسي من الأمل، رغم هذه الصعوبات التي نواجهها، هو أنتم، جيل الشباب. إنكك الشباب لا تشعرون بالإحباط بسبب الإخفاقات السابقة، كما أنكم تملكون طرقا مبتكرة لحل هذه القضايا.
فقد كان الشباب من بين جميع رؤساء الدول والوزراء وعلماء البيئة البارزين الذين حضروا اجتماعات جمعية الأمم المتحدة للبيئة في ديسمبر الماضي، لقد أذهلتمونا حقا بطاقتكم وأفكاركم الجديدة. لقد أحييتم الأمل لدينا.
ولكن اسمحوا لي من فضلكم – كشخص يكبركم سنا – بتقديم بعض النصائح إليكم. فعلى الرغم من إسهاماتكم التي تثير الإعجاب إلا أننا في أمس الحاجة إلى إسهامات أكثر من ذلك. ويمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة أداة قوية، ولكن يجب ألا ينحصر إسهامنا كله عبر شاشات الكمبوتر فحسب. نحن بحاجة إلى تجديد تركيزنا على العالم الحقيقي، والتحديات البيئية العديدة التي تقع على أعتابنا.
وإنني أحثكم على وضع هواتفكم وحواسيبكم المحمولة جانبا ومساعدتنا على إعادة النظر في كيفية جعل أساليب حياتنا أكثر استدامة. وعلى الرغم من أننا الآن أكثر ترابطا مع بعضها البعض من أي وقت مضى، فإنني أخشى أننا قد أصبحنا غير متواصلين فيما يتعق بالمحافظة على الأرض التي نكافح من أجل حمايتها.
وقبل كل شيء، فإنني أدعو - الشباب ومنظمي الحملات من الشباب والمهندسين والعديد من غيرهم – إلى ترجمة هذا الشغف الشديد على الإنترنت إلى عمل ملموس على أرض الواقع. فإذا استطعنا حقا تسخير مواهبكم المميزة لخدمة البيئة، فإنني ليس لدي شك في أننا نستطيع أن نعالج المشاكل البيئية التي تواجه كوكبنا.
وقد يتساءل البعض منكم عما إذا كنتم تستطيعون أن تحدثوا فرقا حقيقيا، باستثناء استخدامكم للإنترنت ومقاطع الفيديو القابلة للمشاركة. وكما نعلم، إنه عالم كبير مع تحديات بيئية تبدو هائلة. ولكن اسمحوا لي أن أؤكد لكم أن كل واحد منا يمكن أن يكون جزءا من إحداث التغيير الذي نحتاج إليه بشدة.
سواء كان ذلك مجرد تكييف الأنشطة اليومية لاستخدام كميات أقل من المياه والطاقة أو تخفيض النفايات، فإن كل عمل صغير يحدث فرقا. وفي يوم عيد الحب هذا، دعت منظمة الأمم المتحدة للبيئة إلى "الانفصال عن البلاستيك". وبتحملنا المسؤولية الشخصية والتحول إلى ممارسات أكثر ملاءمة للبيئة، يمكننا أن نبدأ العملية البطيئة لتحويل مجتمعاتنا.
وبالنسبة لأولئك الذين يحرصون على أو ربما قادرون على بذل المزيد من الجهد، فإننا هنا لتقديم المساعدة. في الواقع، نحن مهتمون بشكل خاص أن نستمع إليكم. ففي العام الماضي، كشفنا النقاب عن أول جائزة تقدم إلى أبطال الأرض الشباب، ونحن نتحرك لمعالجة مجموعة من التحديات البيئية – بدءا من تدهور التربة إلى انخفاض عدد النحل، ونحن نبحث عن المفكرين وذوي العقول العبقرية الذين يمكنهم أن يبتكرون أفكارا تعمل على حماية البيئة في عام 2018 .
فإذا كان لديك فكرة أو مشروع يتناول معالجة المخاوف البيئية الملحة، فنحن جميعا آذانا صاغية إليكم. لقد كان لي الشرف قبل بضعة أشهر أن أشارك في حفل تكريم السيد عمر بادخن، وهو مهندس يمني حاز على جائزة أبطال الأرض، واستطاع حتى في وسط النزاع الذي نشب في بلاده أن يحلم بتطوير جهاز رائع يعمل على تحليل النفايات العضوية بصورة سريعة، ومن ثم إنتاج الغاز الحيوي.
فكلما كانت الفكرة أكثر ابتكارا وجرأة، كلما كان ذلك أفضل. كما قامت مارياما مامان من بوركينا فاسو، وهي من الحائزين على جائزة أبطال الأرض في العام الماضي، بوضع برنامج يعمل على حل مشاكل بيئية عديدة. وقالت مرياما أنها وجدت وسيلة رخيصة ومستدامة لإنتاج الطاقة والأسمدة العضوية من خلال استخدام الأعشاب الضارّة لإنتاج طاقة نظيفة وسماد عضوي.
إنها دعوة للشباب في جميع أرجاء العالم لاتخاذ إجراء بشأن حماية البيئة. فنحن بحاجة إلى أفكاركم المبتكرة الآن. لا تتراجعوا عن المشاركة فإن هذه المشاكل البيئية هي مشاكل تواجهنا جميعا وليس أنتم فقط. إن البيئة تبكي من أجل مساعدتكم. نحن هنا للمساعدة في تحقيق ذلك.
تم الإعلان عن إطلاق جائزة أبطال الأرض الشباب لعام 2018 في 20 شباط / فبراير. لمعرفة المزيد، ومعرفة كيفية التسجيل في المسابقة، يرجى زيارة موقع أبطال الأرض الشباب