- تؤكد نتائج التحاليل الواردة من المختبرات الدولية أن نفوق الملايين من أسماك الكارب المستزرعة في العراق الذي حدث في نهاية العام الماضي 2018 كان يُعزى إلى مرض أصاب أسماك الكارب، وليس التلوث.
- عانت أسماك الكارب من مرض فيروس كوي الهربس (KHV)، وهو مرض قاتل معروف بأنه يسبب معدلات وفاة تقارب 100 بالمائة في أسمك الكارب.
- "بناءً على هذه النتائج، يمكننا بالتالي استبعاد أن التلوث الكيميائي لعب دوراً في نفوق الأسماك، وهو ما ينبغي أن يُطمئِن الناس بأن أسماك الكارب المستزرعة صالحة للأكل.
5 أذار/مارس2019 - في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، انتشرت ظاهرة نفوق اسماك هائلة في العراق التي أودت الي هلاك ملايين من أسماك الكارب المستزرع في منطقة الفرات الأوسط، الأمرالذي دفع الي حالة قلق في البلاد. وشاع الخوف من أن نفوق الأسماك يُعزى إلى تلوث غامض يمكن أن يؤدي الي تسمم الناس أيضا، في حين عانى مزارعو الأسماك من تكبد خسائر مالية بسبب نفوق الأسماك، الواقعة التي أثرت على مصدر رزقهم.
نظرا لأهمية الموضوع، قام رئيس الوزراء العراقي بتشكيل خلية أزمة بقيادة وزارة الصحة والبيئة ووزارة الزراعة للتحقيق في أسباب هذا النفوق واتخاذ التدابير العلاجية المناسبة.
وأكد الدكتور علاء العلوان، وزير الصحة والبيئة في العراق، الذي قام شخصيا بتفقد الوضع على أرض الواقع فور وقوع الحادث "إن حجم نفوق الأسماك كان ضخما للغاية، وكان لدينا آليات تعمل على مدار أربعة أيام لتطهير النهر من الأسماك النافقة. وأضاف قائلاً: "لقد استخدمنا أيضاً الحواجز العائمة المستخدمة في حجزالانسكابات النفطية من أجل احتواء ومنع الأسماك النافقة من الانجراف باتجاه المصب، خاصة وأن العديد من مزارعي الأسماك قاموا بإلقاء أسماك الكارب في نهر الفرات".
ولمواجهة نفوق الأسماك هذا الذي لم يسبق له مثيل، قررت خلية الازمة طلب المساعدة التقنية الطارئة من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لتحديد سبب النفوق المفاجئ.
وبناءً على مشورة من قبل الأمم المتحدة للبيئة، قامت وزارة الصحة والبيئة بجمع عينات بيئية وأسماك نافقة من محور الحادث بالقرب من المسيب، في محافظة بابل، التي تبعد حوالي 70 كم جنوب بغداد. وقد أصبحت هذه المنطقة منذ عام 2011، مركزًا مزدهرًا لتربية الأسماك في العراق، حيث تم التوسع السريع في استخدام الأقفاص النهرية العائمة لزراعة أسماك الكارب الشائع. وفي الوقت نفسه، حذر الدكتور علاء العلوان، وزير الصحة والبيئة: "إن الكثافة العالية للأقفاص السمكية، التي يمكن رؤيتها واحدة تلو الأخرى على مسافة كيلومترات، إلى جانب الإفراط الشديد في أعداد الأسماك المتربية، تتعارض مع المحددات الوطنية".
وقام برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة على وجه السرعة بتنظيم أخذ عينات من الأسماك والمياه والرواسب وعلف الأسماك لإرسالها إلى المختبرات المعتمدة دوليًا. وقد تم إجراء اختبارات كيميائية ومكروبيولوجية شاملة من قبل ثلث مختبرات مختلفة، في سويسرا والاردن وايطاليا.
وأظهرت نتائج الاختبارات بالنسبة لجميع العينات المأخوذة من قبل وزارة الصحة والبيئة، عدم وجود تلوث يذكر ناجم عن المعادن الثقيلة أو الهيدروكربونات أو المبيدات الحشرية. ويشرح الدكتور جون بوت، رئيس مختبر الأحياء الدقيقة البيئية بجامعة جنيف، والذي نسق الدراسة المختبرية بتكليف من الأمم المتحدة للبيئة: "بخلاف المياه الجارية، التي لا يمكن أن تعطي سوى صورة عابرة عن الظروف البيئية في وقت محدد، فأن الترسبات تشكل مستودع لتخزين الملوثات".
وأضاف قائلاً: "بناءً على هذه النتائج، يمكننا بالتالي استبعاد أن التلوث الكيميائي لعب دوراً في نفوق الأسماك، وهو ما ينبغي أن يُطمئِن الناس بأن أسماك الكارب المستزرعة صالحة للأكل". ويشاطر السيد أحمد العليمات، نائب مدير شؤون الجودة والمختبرات في وزارة المياه والزراعة الأردنية، هذه الاستنتاجات، والذي قام بتنسيق تحاليل عينات المياه التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية إلى الأردن.
ووجدت اختبارات الحمض النووي التي يديرها المختبر السويسري للأمراض السمكية والمختبر المرجعي للأمراض الواجب التبليغ عنها وجود فيروس الهربس / كوي (CyHV-3) في جميع عينات الأسماك التي تم فحصها، مما يؤكد شكوك العلماء العراقيين في أن سبب نفوق الأسماك كان يُعزى إلى تفشي مرض معين. وقد لاحظوا وجود بقع بيضاء أو بنية على خياشيم الأسماك المصابة كعلامات إكلينيكية حرجة للإصابة بالعدوى. وعلاوة على ذلك، فإن الوفيات لم تؤثر إلا على أسماك الكارب المستزرعة وليس على الأسماك البرية. كما أكد التحليل الفيروسي الذي كلفت به منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة - في الأردن وإيطاليا على التوالي - نتائج المختبرات السويسرية.
وأكد كل من السيد محمد حماشة، الخبير الأقدم في الصحة البيئية والسيد سورين ماديسون مستشار سلامة الأغذية بمنظمة الصحة العالمية "كنا قلقين للغاية إزاء هذا الحادث الذي كان يمكن أن يشكل خطراً على الصحة العامة لأهالي محافظة بابل وخارجها. ولكن بعد التأكد من أن سبب النفوق كان ناجما عن عدوى فيروسية، فأن منظمة الصحة العالمية واثقة بأن استهلاك الأسماك ليس له تأثير على صحة الإنسان".
وأكد الدكتور توماس واليي، الذي يرأس المختبر المرجعي السويسري للأمراض الواجب التبليغ عنها، أن "النسب العالية من الحمض النووي لفيروس الهربس / كوي (CyHV-3) في النسيج الخيشومي والكلى والدماغ أوضحت أن أسماك الكارب عانت من مرض فيروس كوي الهربس (KHV)"، وهو مرض خطير وقاتل معروف بأنه يسبب معدلات وفاة تقارب 100 بالمائة في سمك الكارب". كما اتفق الدكتور ريتشارد بيلي وهو أخصائي الفيروسات الأقدم في المركز الدولي المتميز في صحة الحيوانات المائية (CEFAS)، على أنه "في حين أن التربية المفرطة للأسماك وقضايا نوعية المياه العابرة مثل انخفاض مستويات الأكسجين المذاب ربما قد أدى إلى إرهاق الأسماك وساعد في انتشار الفيروس، ونظراً إلى المعلومات الحالية، يمكن الاستنتاج بشكل منطقي انه رغم وجود عوامل ساعدت على تفشي المرض غيرأن السبب المباشر لنفوق الأسماك الجماعية هذا يُعزى إلى مرض KHV".
ومع انخفاض درجة حرارة مياه نهر الفرات ما بين 23-25 درجة مئوية في شهر تشرين الثاني، تكونت بيئة مثالية لانتشار فيروس الهربس / كوي CyHV-3، الذي يزدهر بين 16-28 درجة مئوية. وقد أيدت تقارير عن حوادث مماثلة لنفوق أعداد قليلة الحجم من الأسماك في بؤر متعددة في غرب ووسط العراق حدوث وباء واسع الانتشار.
وبحسب ما أفاده الدكتور باليي "قد يمثل تفشي الوباء تطور مرض كامن في أسماك مصابة بسبب عوامل ضاغطه أو ربما الاحتمال الأكبر، استنادًا إلى حجم النفوق، إدخال أسماك مصابة إلى مجموعات سمكية لم تتعرض للفيروس سابقا أو ليس لديها مناعة، مما يشير إلى إدخال حديث".
وأكد الوزير علاء العلوان بان "هذه هي الحالة الأولى لظهور مرض فيروس كوي الهربس KHV في العراق، وهو حادث مهم ينبغي إخطار المنظمة العالمية لصحة الحيوان بشأنه".
وأكد "يسُرنا أننا استطعنا الوصول إلى السبب الأساسي لهذه الكارثة، ونعتزم البناء على هذه التجربة لتحسين قدراتنا على المراقبة البيئية والتشخيصية، خاصة بالنسبة للأمراض الفيروسية، حتى نستطيع التحقيق في مثل هذه الأحداث بشكل دقيق. وفي الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى السيطرة على أعداد المزارع السمكية وتوعية مربي الأسماك على الإجراءات المناسبة التي ينبغي اتباعها لمنع حدوث تفشي مماثل في المستقبل واحتواؤه بسرعة ".
نبذة عن الأمم المتحدة للبيئة
تعد الأمم المتحدة للبيئة الصوت العالمي الرائد في مجال البيئة. فهي توفر القيادة وتشجع إقامة الشراكات الشراكة في مجال رعاية البيئة عن طريق إلهام وإعلام وتمكين الأمم والشعوب لتحسين نوعية حياتهم دون المساس بأجيال المستقبل. وتعمل الأمم المتحدة للبيئة مع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومع كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جميع أنحاء العالم
لمزيد من المعلومات يرجى التواصل مع:
السيد حسن برتو، مدير برنامج، برنامج الأمم المتحدة للبيئة
الدكتور أدهم إسماعيل عبد المنعم، ممثل منظمة الصحة العالمية بالنيابة في العراق
السيد فاضل الزعبي، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لدي العراق