إذا بدت مدن مثل دلهي ولاغوس وساو باولو وطوكيو مأهولة بالسكان اليوم، فعلينا ان نتمعن فيما سيكون عليه الحال بحلول عام 2050. وتتوقع الأمم المتحدة أنه بحلول ذلك الوقت، سيعيش نحو 2.5 مليار شخص إضافي في المراكز الحضرية، مما يجعل اثنين من كل ثلاثة أشخاص هم من سكان المدن.
وتعد المدن مراكز للتنمية الثقافية والعلمية والاقتصادية، ولكنها قد تكون أيضًا بمثابة تذكير صارخ بالتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي نواجهها. واليوم، تتحمل المدن مسؤولية حوالي 70 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة وتستهلك 75 في المائة من الطاقة والموارد في العالم. ومع استمرار نمو السكان ومواجهة الكوكب لتهديدات غير مسبوقة من تغير المناخ، فإن هناك حاجة ماسة للتخطيط الحضري المستدام.
وقد ركز المنتدى الحضري العالمي العاشر – وهو أول تجمع دولي حول التحضر المستدام الذي أنشأته الأمم المتحدة - على تقاطع الثقافة والابتكار لمواجهة التحديات الحضرية الناشئة.
وقالت مارتينا أوتو، رئيس وحدة المدن في برنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’البيئة هي خيط ذهبي يربط بين الثقافة والابتكار، وهو موضوع المنتدى الحضري العالمي لهذا العام‘‘. ’’مثلما يجب أن تصبح معالجة تغير المناخ جزءاً من استراتيجيات الحفاظ على مبانينا التراثية، يجب أن نجد الإلهام في التقاليد، سواء أكانت تقنيات بناء تقليدية أو شكل حضري لبناء مدن المستقبل. ومن خلال الابتكار، يمكننا إنشاء مسارات لجعل مدننا خالية من الكربون، وذات كفاءة في استخدام الموارد وتتسم بالمرونة.‘‘
وحضر عدد من موظفي برنامج الأمم المتحدة البيئة المنتدى الثقافي العالمي لعرض الأعمال والمشاريع الجارية. ومن الأمثلة على ذلك إطلاق ما يُطلق عليه أكبر بنك بيانات في الوقت الحقيقي لجودة الهواء في العالم.
وقد ظهر مشروع آخر تمثل في مجموعة أدوات القانون وتغير المناخ.
ولدى كل من برنامج الأمم المتحدة للبيئة وموئل الأمم المتحدة تعاون طويل الأمد في مجال التحضر المستدام، يتم تنفيذه من خلال مشاريع مختلفة - كان آخرها الشراكة المعنية بالمدن الخضراء. وتعكس المهمة المشتركة قيام موئل الأمم المتحدة بالعمل على إيجاد مدن مدمجة ومتكاملة ومتصلة فيما بينها وعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن المدن كقوة لتحقيق اقتصاد يزيل الكربونات والانفصال بين الاقتصادات البيئية.
وبشكل منفصل، يدعم برنامج الأمم المتحدة للبيئة المدن في جميع أنحاء العالم في معالجة آثار المناخ وإدماج البيئة في التخطيط الحضري طويل الأجل من خلال ثلاثة مجالات ذات أولوية وهي: الاقتصاد، والتكيف القائم على الطبيعة، والمناخ والتلوث.
وبالنظر إلى الزيادة الكبيرة في الموارد المرتبطة بالتنمية الحضرية، يكون للمدن دور رئيسي في الانتقال من الاقتصاد القائم على التصرف إلى نموذج دائري، حيث يتم استخدام المواد والمنتجات لأطول فترة ممكنة بأعلى قيمة. وباستخدام اختصاصها، يمكن للمدن تضمين مبادئ التعميم في قراراتها وسياساتها التخطيطية.
وبالمثل، فإن التنمية الحضرية وخاصة التوسع العمراني هو الدافع لفقدان الموائل، مما يؤثر على النظم الإيكولوجية ذاتها التي يعتمد عليها سكان المدينة. ويمكن للحلول القائمة على الطبيعة مثل غابات المانغروف أن تكون حلاً فعّالًا من حيث التكلفة للتعامل مع الفيضانات والتآكل الساحلي مع تحسين جودة الهواء أيضًا.
وليس سراً أن المدن تنتج الكثير من تلوث الهواء والماء، مما يؤثر في عيشها وصحة مواطنيها. ويمكن للمدن أن تقلل من ناتج التلوث مع تحسين نوعية الحياة وذلك من خلال وضع تصاريح للأنشطة الصناعية والبناء، وإدخال مناطق منخفضة الانبعاثات، وكفاءة استخدام الطاقة وتحسين ممارسات إدارة المياه والمياه العادمة.
وهدف التنمية المستدامة لشهر فبراير هو الهدف 11 - المدن والمجتمعات المستدامة.