في ظل وصول أسعار الوقود الأحفوري إلى مستويات قياسية، تركز الشركات في جميع أنحاء العالم على كفاءة استخدام الطاقة لتوفير المال وتقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى أزمة المناخ.
تظهر الأبحاث أن المستقبل الآمن دون 1.5 درجة مئوية يتطلب من العالم خفض 30 غيغا طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (ثاني أكسيد الكربون) سنويًا بحلول عام 2030. ويجب خفض انبعاثات الكربون عن طريق بناء مدن ذكية وإدارة الأراضي والموارد بشكل أكثر كفاءة. ويعد قطاعا النقل والمباني من بين أكبر المساهمين في ذلك.
وقال باتريك بليك، مسؤول برنامج متحدون من أجل الكفاءة (U4E) ’’ إن زيادة كفاءة الطاق، وخاصة كفاءة الطاقة الصناعية، يمكن أن تحدث فرقاً حقيقياً في تقليل حاجتنا إلى الوقود الأحفوري.‘‘
– وهو جهد عالمي بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة لدعم البلدان النامية لنقل أسواقها إلى الأجهزة والمعدات الموفرة للطاقة.
وأضاف: ’’سيؤدي هذا التحسن في كفاءة استخدام الطاقة إلى خفض فواتير الكهرباء للشركات ودعم توسيع نطاق الطاقة المتجددة‘‘.
تحسين كفاءة استخدام الطاقة
يمكن أن تتخذ كفاءة استخدام الطاقة عدة أشكال، مع تركيز برنامج متحدون من أجل الكفاءة على الإضاءة والتبريد وتكييف الهواء ومحولات التوزيع والمحركات الكهربائية.
مصابيح صمام ثنائي باعث للضوء، على سبيل المثال، ليست أكثر كفاءة من المصابيح التقليدية فحسب، ولكنها أيضًا تدوم 20 مرة أطول. وتظهر الأبحاث أنه من خلال التحول إلى إضاءة مصابيح صمام ثنائي باعث للضوء في 156 دولة نامية، يمكن توفير أكثر من 110 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030، وهو نفس استهلاك الكهرباء الحالي في هولندا تقريباً.
وبالمثل، من خلال زيادة الكفاءة في محولات التوزيع، التي تضبط الجهد والتيار ويتم وضعها بين محطة الطاقة والمستهلك، يمكن توفير 60 تيراواط ساعة بحلول عام 2040، أو نفس الاستهلاك الحالي لجمهورية التشيك.
وقالت ميريام هينوستروزا، رئيسة وحدة العمل المناخي العالمي في شعبة الطاقة والمناخ ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’يمكن تحقيق نصف التخفيضات على المدى القريب في الانبعاثات في قطاع الطاقة من خلال كفاءة استخدام الطاقة، على سبيل المثال، من خلال استخدام أجهزة وإضاءة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومحركات أكثر كفاءة‘‘.
حلول فعالة من حيث التكلفة
لقد وجدت الشركات أن كفاءة استخدام الطاقة هي مكسب مزدوج، فهي مفيدة لأرباحها ولكنها أيضاً مفيدة للبيئة. تعمل شركة هيتاشي للطاقة، وهي شركة عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا تعمل على تطوير مستقبل الطاقة المستدامة للجميع، مع برنامج متحدون من أجل الكفاءة لتحسين كفاءة محولات التوزيع في المناطق النامية مثل إفريقيا.
تعد هذه المحولات منتجًا رئيسيًا في سلسلة قيمة الطاقة، حيث تمر الكهرباء عادةً من خلال خمسة منها بين محطة الطاقة والمستهلك.
تُظهر أبحاث برنامج متحدون من أجل الكفاءة أن الانتقال عبر القارة الأفريقية إلى المحولات الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة يمكن أن يوفر 5.7 تيراواط ساعة سنويًا، تقدر قيمتها حوالي 400 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2040.
وسيقلل هذا التحول أيضًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 4.7 مليون طن سنويًا. وتتمتع المحولات أيضًا بميزة إضافية تتمثل في كونها أكثر استقرارًا وتقليل الانقطاعات وزيادة أمن الطاقة.
قال برونو ميليس، رئيس أعمال المحولات في هيتاشي إنرجي: ’’تعتبر المحولات ضرورية لتمكين تدفق فعال وآمن للكهرباء، وتعمل بشكل مستمر على مدار الساعة‘‘.
’’تحقق كفاءة استخدام الطاقة توفيرًا للطاقة وتقلل من التأثير البيئي، ولكنها تعني أيضًا استخدامًا أكثر كفاءة للبنية التحتية الحالية، وهو ما يتماشى مع خطة الاستدامة 2030 لشركة هيتاشي للطاقة، والتي تتضمن هدفًا لتحقيق الحياد الكربوني في عملياتنا.‘‘
وأضاف ميليس: ’’في البلدان النامية، تساهم كفاءة الطاقة أيضًا في زيادة توافر الطاقة الكهربائية والوصول إليها ، مما يساهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة‘‘.
ليس فقط في أفريقيا حيث يساعد برنامج متحدون من أجل الكفاءة في دفع التغيير. في تركيا، يعمل برنامج متحدون من أجل الكفاءة في القطاع الصناعي للمساعدة في تحسين الكفاءة في أنظمة المحركات. ويأتي حوالي 46 في المائة من صافي استهلاك الكهرباء في تركيا من القطاع الصناعي، ونحو 70 في المائة من هذا يأتي من أنظمة محرك كهربائي، وكثير منها غير فعال.
يقدم برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من خلال برنامج متحدون من أجل الكفاءة، المساعدة التقنية لمشروع تعزيز المحركات الموفرة للطاقة في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في تركيا.
وقال أوزجي رينكليداغ، مدير المشروع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: ’’تم تصميم مشروع تعزيز المحركات الموفرة للطاقة في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في تركيا للاستفادة من هذه الإمكانات الهائلة لتوفير الطاقة من خلال الانتقال إلى محركات ذات كفاءة أعلى ولمواجهة التحدي المتمثل في تحقيق هذه الوفورات في قطاع صناعي‘‘.
’’أكثر من 90 في المائة من الشركات هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، والتي واجهت تقليدياً صعوبات في الحصول على تمويل للمنتجات الموفرة للطاقة.‘‘
سيساهم المشروع، الذي بدأ في عام 2017، وتم تمديده حتى نهاية عام 2023، في التزام تركيا بالمساهمة المحددة وطنيا للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 21 في المائة من مستوى العمل المعتاد بحلول عام 2030.
وقال بليك: ’’من خلال مثل هذه المشاريع، ثبت أن زيادة كفاءة استخدام الطاقة تقدم مساهمات حقيقية في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويعمل برنامج متحدون من أجل الكفاءة في جميع أنحاء العالم لضمان تقديم حلول مستدامة وفعالة من حيث التكلفة.‘‘
يحتل برنامج الأمم المتحدة للبيئة موقع الصدارة في دعم هدف اتفاق باريس المتمثل في الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين، ويهدف إلى 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. للقيام بذلك، وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة حلاً من ستة قطاعات، وخارطة طريق لخفض الانبعاثات عبر القطاعات بما يتماشى مع التزامات اتفاق باريس وفي السعي لتحقيق استقرار المناخ. القطاعات الستة المحددة هي: الطاقة؛ الصناعة؛ الزراعة والغذاء؛ والغابات واستخدامات الأراضي؛ والمواصلات؛ والمباني والمدن.
برنامج متحدون من أجل الكفاءة (U4E) هو جهد عالمي يدعم البلدان النامية والاقتصادات الناشئة لنقل أسواقها إلى الأجهزة والمعدات الموفرة للطاقة. وتحت قيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يجمع برنامج متحدون من أجل الكفاءة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في مجال كفاءة المنتج لإعلام صانعي السياسات وتعزيز أفضل الممارسات العالمية وتقديم المساعدة المصممة خصيصًا للحكومات.