07 Feb 2019 Story الكوارث والنزاعات

تمكين نساء السودان و تعزيز السلام من خلال الإستخدام المنصف للموارد الطبيعية

تتميّز العديد من أجزاء أقاليم دارفور وكردفان في السودان بوجود مناطق زراعية قليلة الأمطار

أو إنّها من المناطق المعرضة للجفاف. وتعزز ندرة المياه الناتجة عن ذلك الانتاجية الزراعية المنخفضة وبالتالي المنافسة والنزاع حول المتاح من الموارد الطبيعية القليلة.

ولا تُعتبر النساء في العديد من هذه المناطق بمثابة العمود الفقري لحياة أسرهن فحسب، بل أيضاً شريان الحياة لمجتمعاتهن.

وكثيراً ما تسير النساء مسافة تتراوح بين ثلاث وست  كيلومترات لجلب الماء للاستهلاك اليومي الأساسي. ولا تعتبر قرية مكشاشة في منطقة كيرنيك بولاية غرب دارفور استثناء لتلك القاعدة.  حيث تعرض هذه المشاوير المستهلكة للوقت  أحيانا النساء لمخاطر العنف.

إن النساء اللآتي يسكنّ القرية واللآتي يزيد عددهن عن  3000 امرأة، ينتمين إلى 14 مجموعة عرقية، كثيراً ما يتنافسن للوصول إلى الموارد المائية مثل آبار الماء. ويعقّد هذا الوضع مهمتهن الشاقة بجلب المياه للشرب والطبخ.

وتزاول النساء، في فصل الأمطار، في المجتمعات التي تعتبر الزراعة نشاطها الأساسي، زراعة محاصيل مثل الفول السوداني، وقصب السكر والذرة، والسمسم، والدخن، والفاصوليا. وفي الشتاء يتحول تركيزهن إلى زراعة الخضروات مثل الطماطم والبصل والبطيخ، و يقدّمن طوال العام مساهمة مستمرة في مجال تربية الحيوانات من جمال وأغنام وخيول وأبقار، وتربية الدواجن التي تُعتبر ذات أهمية بالغة لكسب عيش ورفاه مجتمعاتهن.

لا ينحصر الدور المحوري للنساء، في مجتمع مكشاشة،  في أسرهن فحسب، بل هو بارز أيضاً في الأسواق المحلية حيث يزاولن فيها أعمالاً صغيرة مثل أإدارة أكشاك الطعام والشاي.

وبينما تزاول الكثير من النساء في دارفور الزراعة، كوسيلة لدر دخل للأسرة، فإن العديد منهن يُدفعن، من غير قصد، بسبب ندرة الموارد الطبيعية، إلى المشاركة في ممارسات ضارة بالبيئة، مثل قطع الأخشاب لتوفير حطب الوقود وانتاج الفحم.

image
قالت فاطمة حماد الدين من قرية سولو في وسط دارفور:" لقد وفرت مواقد غاز البترول (المسال) لي وقتاً وسرعة في إعداد الطعام." ويمكن أن يُستخدم الوقت الذي توفر في الطبخ في أغراض أساسية تساهم في زيادة إدرار الدخل مثل انتاج الفحم . تصوير:  برنامج الأمم المتحدة للبيئة

في حزيران/يونيه 2015، دشّن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، مشروع تعزيز السلام من خلال الموارد الطبيعية في دارفور وكردفان، إدراكاً منه بتحديات الموارد الطبيعية التي تواجه المجتمعات في الاقليمين.

قال روبرت بيكير، كبير مستشاري البرامج في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، مكتب السودان "إن المشروع سعى للحد من نشوب النزاعات المحلية حول الموارد الطبيعية من خلال قيامه بتحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز مؤسسات حل النزاعات. ويركز المشروع على تعزيز العلاقات بين المجتمعات والسلطات حول إدارة الموارد الطبيعية في المناطق المستهدفة".

تحكي حواء، بائعة الخضروات البالغة من العمر 36 عاماً، والتي تنحدر من قبيلة القمِر، عن وقوع مشادة كلامية بينها وبين إمرأة أخرى حول الماء حيث تصاعد النقاش حتى صارت مواجهة حادة انخرطت فيها عدة نساء.

قالت حواء: "لقد اهانتني تلك المرأة  في محاولة لأن تأخذ دوري. قالت أنني لا أنتمي إلى قبيلتها، وأنه لا يحق لي أن أحصل على الماء قبلها. وقد تصاعدت هذه الحادثة التي بدأت بتبادل شتائم إلى مواجهات عنف بدني جذبت إليها مزيداً من النساء."

ومع ذلك، فإن تدخل نساء كبيرات في السن -الشكر للبرنامج - جعلهن جزءاً من لجنة مصالحة كانت في السابق حصراً على الرجال وحدهم، فقد ساعد تدخلهن هذا في تهدئة الخواطر ونزع فتيل التوتر.

إن لجان تنمية المشروع للتدخل، والبالغ عددها 24 لجنة، في المناطق المستهدفة حسنت تمثيل النساء، وتدربت النساء أيضاً على مسائل مثل تنظيم المجتمع، وإدارة موارد المياه، بالإضافة الى المسائل المالية الأساسية، وتعزيز حملات النظافة.

وقالت هدى علي من برنامج الأمم المتحده للبيئة، والمختصة في مجال النوع الاجتماعي (الجندر) بمكتب السودان، أن المشروع قد تأسس بنجاح ودرّب لجان مجتمعية لإدارة الموارد الطبيعية. وقد قاد المشروع، بنجاح، مجموعات توفير وصناديق دوارة أخرى لدعم النساء والشباب في نشاطات إدرار الدخل، كما دعم بقوة دور النساء في الهياكل الرئيسية لاتخاذ القرار."

image
قالت مقبولة أبو بكر يعقوب احدى المشاركات ال 40 في دورةالتدريب المهني :" لقد غيّرت دورة التدريب المهني حياتي. ".  كانت مقبولة قد حضرت دورة التدريب المهني الخاصة بالاسكان والتي كانت موجّهة للشباب؛ ومقبولة هي واحدة  من النساءالقلائل اللاتي يصنعن ويبعن مواد التنجيد في قرية الجنتور.

تصوير : برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

تستلزم بعض هذه التدخلات أيضا، دعم وتدريب النساء لإنتاج مواقد ذات كفاءة في مجال استهلاك الوقود أو شراء أو توزيع مواقد غاز البترول (المسال) لتقليص استهلاك حطب الوقود.

وقال بيكر: ’’ قام المشروع بتأسيس سبع منتديات سلام بنجاح، وقدم تدريباً حول بناء السلام و آليات الحوار المجتمعية. وقد تم فض نحو 78% من النزاعات على مستوى القرية خلال فترة المشروع دون تصعيد."

ويظهر مسح أجرى في نهاية المشروع أن 92% من المشاركين لاحظوا إنخفاض في نشوب النزاع حول المياه بينما رأى 74% من المشاركين في المسح إنخفاضاً في النزاع حول المراعي: ولاحظ 67% من المشاركين وجود إنخفاض في النزاع حول الأرض.

كان البرنامج الذي امتد تمويله لفترة 39 شهراً، والذي انتهى في آب/أغسطس 2018، قد تم تنفيذه على امتداد 5 مناطق في ولايات غرب دارفور ووسط دارفور وغرب كردفان. و تم تنفيذه بشراكة مع منظمتين وطنيتين  غير حكوميتن هما: وكالة دارفور للتنمية وإعادة الإعمار ومنظمة  SOSسوس – الساحل (السودان).

ظل برنامج الأمم المتحدة للبيئة يقدم دعماً بيئياً للسودان منذ تسعينيات القرن العشرين. وفي عام 2007 كان برنامج السودان قد تأسس من خلال تأسيس مكتب له في الخرطوم لمجابهة عدد من التحديات البيئية التي تواجه السودان.

وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة أيضاً، قد طوّر بالتعاون مع معهد القانون البيئي، ومعهد الأرض بجامعة كولمبيا، وجامعة ديوك وجامعة كاليفورنا في ايرفين، دورات إلكترونية تدريبية مفتوحة حاشدة عن الأمن البيئي وتعزيز السلام.

الجلسة التالية للدورة التدريبية  ستبدأ في شباط/فبراير 2019.

https://youtu.be/X9synaiAb7Q