Photo by Kingdom of Saudi Arabia
03 Jun 2024 Story Nature Action

المملكة العربية السعودية تبذل جهودا لإعادة تخضير الصحاري مما عزز من عودة الحياة البرية

Photo by Kingdom of Saudi Arabia

راود السيد/ نايف أحمد الحنوش حلما منذ طفولته بأن يصبح طبيبا بيطريا. لكنه لم يتخيل قط أنه سيلعب دورًا محوريًا في حماية التنوع البيولوجي في المملكة العربية السعودية من خلال تربية الأنواع المحلية المهددة بالانقراض ورعايتها وإطلاقها في البرية.

ويقول السيد/ أحمد الحنوش، الذي يعمل حاليا كطبيب بيطري ومدير مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، الواقع على بعد حوالي 70 كيلومترًا شمال العاصمة الرياض’’إنه شعور لا يوصف أن تطلق الحيوانات إلى بيئتها الطبيعية‘‘. ’’إنها حيوانات رائعة جدًا‘‘.

وأُنشئ هذا المركز في مكان قد بُني عليه من قبل مزرعة ملكية في عام 1987، وهو موطن لبعض الحيوانات البرية الأكثر شهرة في شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك الثدييات ذات الحوافر الكبيرة مثل ظباء المها العربي.

https://www.youtube.com/watch?v=G_KOKy9p634

وتعد عودة هذه المخلوقات بمثابة جزء من خطة وطنية طموحة لإعادة الحياة البرية إلى المملكة العربية السعودية والمنطقة المحيطة بها. وتشمل الجهود إعادة زراعة الأشجار المحلية واستعادة الغطاء النباتي، إلى جانب التوسع الهائل في نظام المنتزهات الوطنية في البلاد.

وتهدف هذه الحملة إلى حد كبير إلى منع تدهور الأراضي والتصحر الزاحف في المملكة التي يبلغ عدد سكانها 36 مليون نسمة. 

ويقول سعادة الدكتور أسامة بن إبراهيم فقيها، نائب وزير البيئة السعودي: ’’لا يمكننا تحقيق تنمية مستدامة دون حماية البيئة، وتعد الأرض بمثابة محور حماية البيئة‘‘. ’’إنها ركيزة التنوع البيولوجي الأرضي والغطاء النباتي وما هو أكثر من ذلك بكثير‘‘.

وفي 5 يونيه/حزيران، ستستضيف المملكة العربية السعودية فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للبيئة لعام 2024، والذي سيركز على إصلاح الأراضي والتصحر والقدرة على مواجهة الجفاف. ويؤثر تدهور النظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم على 40 في المائة من سكان العالم، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في السنوات المقبلة. ويقول الخبراء إن فقدان الأراضي التي كانت بمثابة أراضٍ منتجة في السابق يهدد الإمدادات الغذائية، ويفاقم من أزمة تغير المناخ ويؤدي إلى أزمة التنوع البيولوجي التي تدفع مليون نوع نحو الانقراض.

وتقول دورين لين روبنسون، مديرة قسم التنوع البيولوجي والأراضي في برنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’نحن كبشر نحتاج إلى إعادة التفكير بشكل جذري في علاقتنا مع الطبيعة والأنواع الأخرى‘‘. ’’يجب أن ندرك أن وجود نظم إيكولوجية صحية يعد أمرا حيويا لبقائنا على قيد الحياة، وأن حماية جميع أشكال الحياة على الأرض، بدءا من التربة وقاع البحر ووصولا إلى سطح البحر، هو المستقبل الوحيد القابل للحياة.‘‘

إن إحياء المناظر الطبيعية - وهي العملية التي تشمل كل شيء بدءا من زراعة النباتات المحلية ووصولا إلى إعادة غمر الأراضي الرطبة - يمكن أن يكون ترياقا لتدهور الأراضي. وتقول روبنسون إن هذا الأمر يتسم بأهمية خاصة مع تعرض عدد متزايد من النظم الإيكولوجية للخطر بسبب تغير المناخ.

وقد التزمت البلدان في السنوات الأخيرة بإصلاح مليار هكتار من الأراضي المتدهورة وتحقيق أهداف أخرى لعكس اتجاه فقدان الطبيعة الخطير. وقد نُفذ الكثير من ذلك تحت رعاية عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية.

وجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية من بين الدول التي تبنت إصلاح الأراضي. وتجري أعمال إعادة الحياة البرية في المملكة جنبا إلى جنب مع خطط لإصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في داخل المملكة وخارجها.

وتعمل المملكة العربية السعودية أيضا على تحقيق أهداف حماية الطبيعة الموضحة في رؤيتها 2030. وقد قامت المملكة بتوسيع نطاق الإجراءات الوقائية لتشمل أكثر من 17 في المائة من أراضيها، بعد أن كانت 4 في المائة في السابق. كما عملت المملكة على زيادة عدد المنتزهات الوطنية إلى أكثر من 400 منتزه بعد أن كانت 19 منتزها.

ويقول سعادة الدكتور فقيها: ’’لقد أعطت رؤية 2030 أولوية عالية لحماية البيئة بشكل عام باعتبارها الركيزة الثالثة للتنمية المستدامة، إلى جانب النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي‘‘.

ويتولى سعادة الدكتور محمد قربان منصب الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية، والذي يعمل جنباً إلى جنب مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر لاستعادة النباتات والحيوانات الموجودة على اليابسة وفي المياه.

ويقول الدكتور قربان: ’’من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نهتم بالتنوع البيولوجي، لأنه مرتبط بشكل وثيق بحياة الإنسان‘‘. وأضاف أن برامج تربية الحيوانات وتطعيمها تساعد على إعادة الأنواع إلى المناطق المهجورة، مستشهدا بالنجاح الذي تحقق في إعادة ظباء المها العربي إلى الحياة البرية. ويقول: ’’عندما أطلقنا ظباء المها العربي في الشمال، قال أحد كبار السن إنه لم يشاهد هذه الظباء في المنطقة منذ 100 عام‘‘. ’’الآن يمكننا أن نرى أكثر من أربعة أجيال في منطقة الشمال، لذلك نحن نسير على مسار جيد للغاية بالنسبة لظباء المها العربي.‘‘

وتأمل المملكة العربية السعودية أن تؤدي برامجها المتعلقة بإعادة إدخال الحيوانات إلى البرية إلى عودة الأنواع الشهيرة الأخرى، مثل النمر العربي المهدد بالانقراض.

وتتطلب إعادة الحيوانات المفترسة أيضا إعادة توطين فرائسها، والتي تشمل نوعا من الماعز الجبلي يُسمى الوعل النوبي، وحيوانا صغيرا آخر ذو حوافر يُسمى الطهر العربي، وثدييات أصغر مثل الوبر الصخري والأرانب البرية، بالإضافة إلى الطيور التي تعيش على الأرض والحشرات.

ويتطلب دعم جميع هذه الأنواع وجود مساحات واسعة من الأراضي السليمة والتربة الخصبة والنباتات الصحية.

وفي المملكة العربية السعودية، أدت التنمية والرعي الجائر وارتفاع درجات الحرارة والصدمات المناخية القاسية بشكل متزايد، مثل العواصف الرملية والترابية، إلى تآكل المناطق الخضراء المتبقية.

وقال سعادة الدكتور قربان إن فقدان الغطاء النباتي أدى إلى سلسلة من ردود الفعل، مما أثر على الحيوانات في جميع أنحاء المملكة، ووصف التصحر بأنه ’’القضية الأولى‘‘ التي تواجه الحياة البرية في المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، فإن الخبراء في مجال الحياة البرية يشعرون بالتفاؤل اليوم بشأن تعافي الطبيعة وإصلاح المناطق التي كانت بدون أحياء برية في السابق.

وبصفته مديرا لمركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، يشرف الحنوش على رعاية الحيوانات ذات الحوافر الكبيرة، مثل ظباء المها العربي، والوعل النوبي، وثلاثة أنواع من الظباء. ويقول إن برامج التربية كانت ناجحة للغاية مما ساهم في إعادة توطين أعداد كبيرة من الحيوانات في بيئاتها الطبيعية.

وقد دعم ذلك دعاة حماية البيئة الآخرين، ومن بينهم سعادة الدكتور قربان.

ويقول: ’’أشعر بسعادة غامرة وأكثر خفة عندما أرى كل هذه الحيوانات في المناطق المحمية وعندما أراها تتحرك في مجموعات‘‘. ’’كم هو شعور جميل ورائع أن نراها وهي تقفز من منطقة إلى أخرى.‘‘

 

يعد اليوم العالمي للبيئة الذي يُحتفل به في 5 يونيه/حزيران بمثابة أهم الأيام الدولية للاحتفال بأهمية البيئة. وقد نما الاحتفال بهذا اليوم الذي يُحتفل به سنويا منذ عام 1973 بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ليصبح أكبر منصة عالمية للتواصل البيئي، حيث يشارك ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لحماية كوكب الأرض. و يركز اليوم العالمي للبيئة في عام 2024 على إصلاح الأراضي والتصحر والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف.

يغطي عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية 2021-2030، بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والشركاء، النظم الإيكولوجية الأرضية والساحلية والبحرية. إنه نداء عالمي للعمل، حيث يجمع عقد الأمم المتحدة بين الدعم السياسي والبحث العلمي والقدرات المالية المالية لتوسيع نطاق الإصلاح بشكل كبير.