خلال معظم الأسابيع الثلاثة الماضية، كان القارب فليب فلوبي، وهو مركب شراعي مصنوع من البلاستيك المعاد تدويره، بما في ذلك استخدام بعض الصنادل القديمة، قد وصل إلى الموانئ عبر بحيرة فيكتوريا. يقوم طاقم السفينة التي يبلغ طولها 10 أمتار بمهمة رفع مستوى الوعي حول المد البلاستيكي الذي يخنق أكبر بحيرة في إفريقيا - ولإثبات أنه يمكن تحويل القمامة إلى كنز.
وقال علي سكاندا ، الشريك المؤسس للقارب فليب فلوبي: "تم تصميم القارب فليب فلوبي ليُظهر للعالم أنه من الممكن صنع مواد قيمة من نفايات البلاستيك".
تأتي رحلة القارب، التي يدعمها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في وقت حرج لكل من بحيرة فيكتوريا وكينيا، كما يقول لورينك ميلا كانالس رئيس مبادرة دورة الحياة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وجد تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه يتم جمع 27 في المائة من نفايات البلاستيك في كينيا، ويتم إعادة تدوير 7 في المائة منها فقط في البلاد.
إن المشكلة تعد مشكلة عالمية. إن ولع البشرية بإنتاج منتجات بلاستيكية رخيصة، واستخدامها، ثم التخلص منها، قد أدى إلى أزمة تلوث عالمية تهدد العالم الطبيعي وسبل عيش الإنسان.
يقول ميلا كانالس: "إذا قبلت فكرة أنه يمكنك استخراج مورد والتخلص منه، وبيعه بثمن بخس دون دفع تكلفة الآثار الخارجية، فأنت تدعم بشكل مباشر تكلفة الإضرار بالبيئة". "إننا نحصل على أشياء رخيصة جدًا، لكننا ندفع نصف السعر فقط [لهذه الأشياء]. وهذا سيسبب مشاكل الآن وفي المستقبل"..”
إعادة تصميم نهجنا تجاه البلاستيك
في الخمسين عامًا الماضية، زاد إنتاج البلاستيك بأكثر من 22 ضعفًا. ينتج البشر الآن نحو 300 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام وينتهي المطاف بنحو 8 ملايين طن منها في المحيطات. كما يترسب الكثير من المواد البلاستيكية أيضًا في المسطحات المائية الداخلية، مثل بحيرة فيكتوريا، التي تمتد عبر تنزانيا وأوغندا وكينيا. ووجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2015 أن 20 في المائة من أسماك البحيرة قد ابتلعت جزيئات بلاستيكية دقيقة، وهي قطع من الحطام يقل طولها عن 5 ملم. يمكن أن يكون لذلك آثار طويلة الأجل على 200.000 أسرة صيد حول بحيرة فيكتوريا.
يقوم طاقم القارب فليب فلوبي، الذين يقومون برحلتهم الثانية، بالترويج لنموذج اقتصادي دائري، يركز على إعادة استخدام المنتجات وتقليل النفايات. في قلب النفايات البلاستيكية، تكمن المشكلة فيما يسميه الخبراء نموذج الاستهلاك "الأخذ والتصنيع والتخلص منه"، والذي يرى أن المنتجات يتم تصنيعها واستخدامها لفترة وجيزة ثم التخلص منها..
على الصعيد العالمي، يُنظر إلى الاقتصاد الدائري على أنه وسيلة حاسمة لخفض التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إذا تم إجراء إصلاح بشأن المنتجات وتجديدها، يمكن للعالم أن يقلل من استخدامه للمواد الخام بنسبة تصل إلى 99 في المائة، وذلك وفقًا لفريق الموارد الدولية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
يبدأ، وفقًا لميلا كانالس، بالتصميم من النفايات مع التركيز على المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام، والحد من التأثير البيئي في كل من عملية التصنيع ومرحلة التخلص من المنتج.
يقول: "لدينا التزامات عالمية لتحقيق تقدم في اتجاه مجرى النهر للتخلص من النفايات البلاستيكية". "لكننا نحتاج أيضاً إلى البحث في المنبع لتقليل كمية البلاستيك التي تدخل الاقتصاد."
مبتكر الأعمال
حتى المنتجات البلاستيكية التي يتم رميها تمثل فرصة لكسب الرزق في الأماكن التي أصبح فيها استرداد البلاستيك يشكل دعامة أساسية للأشخاص العاملين في القطاع غير الرسمي.
أحد الأمثلة على ذلك يأتي من كينيا، حيث وظفت شركة محلية، ميستر جرين تريدنج، أكثر من 600 شخص لجمع وفرز البلاستيك ومادة البوليستر. ما يمكن إعادة تدويره يتحول إلى كريات ويباع للشركات لاستخدامه في التعبئة والتغليف.
ويقول المؤسس كيران سميث، الذي يهدف إلى توظيف ما يصل إلى 4000 جامع نفايات، إن جهود إعادة التدوير هي "طريقة لتوفير بعض الاتساق في التوظيف للأشخاص الذين تم نسيانهم حقًا".
ويُضيف: "كمركز لتصنيع البلاستيك في شرق إفريقيا، يمكن أن تصبح كينيا رائدة في جمع وتحويل وبيع البلاستيك في نموذج متكامل تمامًا".
كما تقود شركات إعادة تدوير البلاستيك الأخرى المدفوعة محليًا عملية التحول. تقوم مؤسسة تاكا تاكا، وهي شريك القارب فليب فلوبي، بتثقيف الناس حول التلوث البلاستيكي مع خلق الوظائف والبنية التحتية لدعم إعادة التدوير.
إشراك المجتمعات المحلية
من خلال تحويل حتى جزء من الاقتصاد المحلي إلى اقتصاد دائري يزيل النفايات البلاستيكية من البيئة ويحولها إلى شيء آخر، يمكن أن تكون مجتمعات بحيرة فيكتوريا في طليعة ثورة صناعية خضراء ناشئة.
ويؤكد ديبيش باباري، المؤسس المشارك لمشروع القارب فليب فلوبي وقبطان رحلة بحيرة فيكتوريا، أن المجتمعات المحلية بحاجة إلى أن يتم تضمينها في الحلول الدائرية التي تعتمد على نقاط قوتها - ومن بينها حبهم واعتمادهم على البحيرة نفسها.
جدير بالذكر أن بحيرة فيكتوريا هي من بين أكبر النظم الإيكولوجية للمياه العذبة وأكثرها إنتاجية في العالم، وتدعم 40 مليون شخص من خلال الإمدادات الغذائية وتوفير سبل العيش.