Credit: AFP/Olivier Morin
07 Jan 2025 Story المواد الكيميائية والنفايات

هل يمكن للميكروبات الكامنة في جليد القطب الشمالي منذ آلاف السنين أن تطلق موجة من الأمراض القاتلة؟

Credit: AFP/Olivier Morin

كشفت دراسة علمية أن بكتيريا الجمرة الخبيثة قتلت أكثر من 2500 من حيوانات الرنة في شبه جزيرة يامال النائية في سيبيريا، في صيف عام 2016 الحار بشكل غير معتاد.

وعادة ما يكون هذا المرض محصورا في طبقة متجمدة بشكل دائم من الأرض، أو التربة الصقيعية، ومن ثم انتقل من الحيوانات إلى البشر، ما أدى إلى وفاة صبي يبلغ من العمر 12 عاما وإصابة عشرات الأشخاص بالمرض.

ويعتقد بعض الباحثين أن تفشي المرض هو علامة على أمراض قادمة. فمع ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بسرعة بسبب تغير المناخ، يقول العلماء إن ذلك قد يؤدي إلى إطلاق موجة من الميكروبات القاتلة المحتملة التي كانت كامنة في الجليد لعدة قرون.

وقد تم وصف هذا التهديد بالتفصيل في تقرير ’’استكشاف آفاق جديدة‘‘ الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمجلس الدولي للعلوم والذي يستكشف التحديات الناشئة التي تهدد صحة الكوكب ورفاه الإنسان.

وفي هذا السياق، قالت أندريا هينوود، كبيرة العلماء في برنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’إن حقيقة وجود هذه الميكروبات في التربة الصقيعية تعني أنه من الصعب تحديد مدى انتشار هذه المشكلة أو خطورتها. ولكن هناك أسباب تدعو للقلق‘‘.

وتغطي منطقة القطب الشمالي، التي تبلغ مساحتها 14 مليون كيلومتر مربع عبر ثماني دول، طبقة سميكة من التربة الصقيعية، وهي مزيج متجمد من التربة والصخور والجليد والمواد العضوية. لكن القطب الشمالي يشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة أسرع بأربع مرات من بقية العالم، ويقول الخبراء إن ذوبان التربة الصقيعية قد يؤدي إلى إطلاق بكتيريا وفيروسات قديمة. ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة الاستدامة البيئية، يتم إطلاق ما يقدر بنحو أربعة سكستيليون ميكروب- أي أربعة مع 21 صفرا، سنويًا بسبب ذوبان التربة الصقيعية.

ويشعر بعض الباحثين بقلق خاص بشأن ذوبان الجليد عن الحيوانات القطبية النافقة منذ فترة طويلة، والتي قد تحتوي أجسادها على ميكروبات كامنة. واستشهد البرنامج بمثال تفشي الجمرة الخبيثة في عام 2016 بين الرنة في سيبيريا، والذي تم تتبعه إلى مقبرة عمرها أكثر من 70 عاما.

وقالت السيدة هينوود إن ما يحدث في القطب الشمالي حدث في مناخات أكثر دفئا لقرون، حيث تنتقل مسببات الأمراض بين البشر والحيوانات، وغالبا ما تكون النتائج مميتة.

وأضافت:’’هذه ليست ظاهرة جديدة، ولكنها تحدث في مكان جديد‘‘.

Reindeers in Norway’s Arctic Circle

وفيما يفتح الاحترار القطب الشمالي للشحن والتعدين والصناعات الأخرى، أشارت السيدة هينوود إلى أن مزيدا من الناس أصبحوا على مقربة من التربة الصقيعية الذائبة والميكروبات المقيمة فيها. 

وأضافت: ’’قد نشهد تغييرا كاملا في استخدام الأراضي في القطب الشمالي وقد يكون ذلك خطيرا‘‘.

وتشير التقديرات إلى أن التربة الصقيعية في العالم تحتوي على 1500 غيغا طن من الكربون، أي ما يقرب من ضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي. وعندما يذوب الجليد الدائم، يتحلل الكربون الموجود فيه وينطلق إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون أو الميثان. وتؤدي هذه الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى زيادة ارتفاع درجة حرارة الكوكب، مما يؤدي إلى ذوبان المزيد من التربة الصقيعية في دورة كارثية محتملة.

ولتجنب تغير المناخ الجامح وتفشي الأمراض، قالت السيدة هينوود إن العالم يجب أن يكبح جماح الغازات المسببة لتغير المناخ، وأن يستمر في مراقبة التربة الصقيعية المتراجعة والاستثمار في رسم خرائط لأنواع الميكروبات التي تعيش هناك. وقالت: في الوقت الحالي، نحن في سيناريو ’’إذا وربما'‘‘ وهناك الكثير من عدم اليقين، وأفضل ما يمكننا فعله هو استخدام الأدوات والعلم الذي لدينا لإرشاد أنفسنا‘‘.