إن محنة 1،4 مليون نازح عراقي قد ازدادت سوءاً. ففي حين تجتاح جائحة فيروس كورونا الكرة الأرضية، فإن النازحين معرضون بشكل خاص للخطر.
وقال الدكتور جاسم حمادي، وكيل وزارة الصحة والبيئة ’’ إن ظروفهم المعيشية المكتظة بالسكان، سواء في المخيمات الرسمية أو المستوطنات العشوائية ، وصعوبة الحصول على الخدمات الأساسية – ولا سيما الحصول على الرعاية الصحية – تزيدهم عرضة لانتشار الفيروس.‘‘
ويقول علي حمادي، معاون محافظ كركوك للشؤون الفنية، متحدثاً عن محافظة كركوك حيث تم تدمير ما يقرب من 10 آلاف منزل خلال نشوب النزاع مع ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم داعش)’’أولويتنا هي تمكين [النازحين] من العودة وإعادة بناء منازلهم المهدمة‘‘.
وتكمن المشكلة في وجود كميات ضخمة من الأنقاض وسط ممتلكات الناس الذي يمثل العقبة الرئيسية التي تحول دون عودة 80 في المائة على الأقل من النازحين، وفقا لما أعلنته سلطات كركوك. ويقدر المسؤولون أن الصراع مع تنظيم داعش خلف ما بين 8 إلى 9 ملايين طن من الأنقاض خلال الفترة ما بين 2014 إلى 2017. ويتكون حوالي ثلثي هذه الأنقاض من الخرسانة والبلوك الاسمنتي والأحجار التي يمكن إعادة تدويرها، في حين يتكون باقي الأنقاض من الطوب اللبن.
ويتمثل أحد التحديات الرئيسية في معالجة هذه الأنقاض الوجود المحتمل للذخائر غير المنفجرة.
ولمواجهة هذا التحدي، وبفضل الدعم السخي المقدم من حكومة اليابان، ضم برنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب) جهوده مع المنظمة الدولية للهجرة لإطلاق مشروع مبتكر لإعادة تدوير الأنقاض والذي سيساعد النازحين في محافظة كركوك، في شمال العراق، على العودة إلى ديارهم.
وتعود ملامح الحياة ببطء في بعض قرى كركوك المدمرة الـبالغ عددها 135. وقال إبراهيم خلف، وهو من أعيان قرية بويتر، وهي قرية دُمِّرت وسويت بالأرض في شهر حزيران/يونيو 2015، "إنها جهود خاصة من قبل المواطن".
بويتر هي واحدة من العديد من القرى الواقعة على خط التماس الذي كان يفصل مسلحين تنظيم داعش في جنوب كركوك من قوات البيشمركة الكردية في شمال المحافظة. وكانت هذه الجبهة تمتد إلى أكثر من 65 كيلومترًا وتقسم محافظة كركوك إلى نصفين، وباتت حتى الآونة الأخيرة منطقة محظورة خاوية من سكانها حيث تم تدمير قري بأكملها وتسويتها بالأرض.
وقال خلف: ’’يحاول الناس بذل ما في وسعهم لإعادة بناء ديارهم باستخدام مواردهم الضئيلة‘‘. وأكد أن ’’إزالة الأنقاض من منزل واحد يمكن أن يكلف ما يقرب من 2،5 مليون دينار عراقي (2،000 دولار)‘‘.
ويتجاوز هذا المبلغ بكثير إمكانيات العديد من العائلات المتضررة ، حيث لا يستطيع حوالي نصف سكان قرية بويتر البالغ عددهم حوالي 1،000 نسمة العودة إلى ديارهم نتيجة لذلك.
60,000 نازح داخلياً في محافظة كركوك
تقدر المنظمة الدولية للهجرة في العراق أن حوالي 60،000 شخص ما زالوا نازحين داخلياً في محافظة كركوك.
وأشار خلف إلى أن ’’أهم شيء الآن هو إزالة كل هذه الأنقاض، وإن أمكن، مساعدة الناس على إعادة بناء ديارهم‘‘.
وقال حسن نصيف، مدير ناحية الملتقى التي دُمرت قراها البالغ عددها 35 قرية، بما في ذلك قرية بوتير،: ’’تنتابنا الحيرة حول ما يجب القيام به بشأن كل هذه الأنقاض‘‘. وندد قائلا ’’إن التخلص العشوائي من الأنقاض في الأودية وتخريب الأراضي الزراعية سيخلق بالتأكيد مشاكل للمستقبل‘‘.
ويهدف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من خلال هذا المشروع التجريبي تثبيت إمكانية إعادة تدوير الأنقاض وتطبيق رؤية دائرية لمعالجتها، وتحويلها إلى جزء من الحل بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة. ولا يشمل المقصد تسهيل العودة الآمنة فحسب، ولكن أيضاً توفير فرص كسب العيش من خلال أنشطة "النقد مقابل العمل" ، وتنفيذ إعادة البناء بطريقة أفضل من حيث التكلفة باستخدام الأنقاض المطحونة، وتحسين الإدارة البيئية.
وجدير بالذكر أن هذا المشروع يتم تنفيذه بالتعاون الوثيق مع سلطات كركوك ووزارة الصحة والبيئة، ويستفيد من دعم و تيسير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
وأضاف نصيف: ’’إن تكسير الأنقاض عملية بسيطة وواضحة، تقدم بصيص أمل في التعامل مع تحدياتنا الهائلة، بما في ذلك خلق فرص عمل للشباب النازحين‘‘. مضيفا’ ’نحن على استعداد تام لدعم هذه المبادرة ونتطلع إلى توسيع نطاق العمل في مجال إعادة تدوير الأنقاض في ناحية الملتقى وكركوك."
ولقد صرح سعادة السيد هاشيموتو نوفومي سفير اليابان لدى جمهورية العراق قائلاً: "لقد قررت اليابان مؤخرا تقديم حزمة مساعدات جديدة للعراق تبلغ قيمتها 41 مليون دولار أميركي، متضمنة هذا المشروع كمساعدة لإعادة تدوير الأنقاض في محافظة كركوك. مع هذه الحزمة، سيصل إجمالي المساعدات المقدمة من اليابان الى الأشخاص المتأثرين بالأزمة منذ عام 2014 الى 540 مليون دولار أميركي ".
ومضى يقول، ’’يسر اليابان أن تساهم في معالجة مشكلة الأنقاض التي تم التغاضي عنها حتى الأن ودعم عملية العودة المستدامة للنازحين بطريقة تدمج الزوايا الثلاثة للمسألة وهي الجانب الإنساني، وإعادة البناء والبيئة‘‘.
وكجزء من هذا المشروع الذي يمتد لمدة عام، والذي يبدأ هذا الشهر، ينوي برنامج الأمم المتحدة للبيئة العمل أيضاً بشكل وثيق مع لجنة معالجة الأنقاض التي تم تكوينها حديثاً في محافظة كركوك ووزارة البيئة لتعزيز قدرتهم على تطوير خطط مثلى لإدارة الأنقاض وتطبيقها.
لمزيد من المعلومات، يرجى التواصل مع:
السيد حسن برتو، مدير برنامج في فرع إدارة الأزمات التابعة للأمم المتحدة للبيئة: hassan.partow@un.org