يقول علي غنيم: "في بعض الأحيان يجب أن تحدث أشياء سيئة قبل أن تبدأ الأشياء الجيدة".
بدأت رحلة علي نحو الابتكار البيئي مع واقعة مجهدة في حياته. في صباح أحد الأيام في عمان، وبينما كان علي في طريقه إلى العمل، اصطدم سائق متهور بسيارته. لحسن الحظ، لم يُصب علي بأي ضرر جسدي، ولكنه فقد شيئاً ذا قيمة في ذلك اليوم. فقد أدى الحادث إلى تدمير جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، وكان الجهاز يحمل عدد كبيرة من البيانات الهامة، بيانات قد عمل عليها علي لعدة سنوات.
ولأسابيع طويلة، حاول علي بكل وسيلة ممكنة، ومع كل متجر لإصلاح أجهزة الكمبيوتر المحمولة في الأردن، لاستعادة البيانات التي فقدها، ولكن دون جدوى. وبينما كان علي يخبر أحد أصدقائه عن الحادث المؤسف مساء أحد الأيام نصحه بالذهاب إلى عبيدة غزال، وهو خبير تقني في عمان يعلم بالضبط ما يجب القيام به لإصلاح حاسوب علي . ولكن ما لم يكن يعرفه كلا منهما أن هذا اللقاء سيغير حياتهما إلى الأبد.
بعد عدة لقاءات، اكتشف علي وعبيدة أن لديهما العديد من القواسم المشتركة. في ذلك الوقت، كان كلاهما في قمة الحماس لفكرة يعملان عليها، وهي عبارة عن جهاز تحكم للسيارات يمكنه تحويل أي سيارة إلى سيارة ذكية. وكان علي مهتما بالجانب التجاري لهذا الابتكار، في حين إعتنى عبيدة بالجانب التقني. بدأ الاثنان العمل معاً وحضرا العديد من الفعاليات من أجل الاطلاع على عالم الشركات الناشئة لتعزيز مشروعهما. وفي هذه الفترة قابلوا شريكهما الثالث أمين الزعبي.
وبعد 12 شهراً من العمل الشاق على جهاز التحكم للسيارات، أدرك الأصدقاء الثلاثة أن تنفيذ المشروع سيتطلب مبالغ تمويلية كبيرة والتي كان من الصعب جداً تأمينها في ذلك الوقت. وبطبيعة الحال، سادت مشاعر خيبة الأمل على الأصدقاء الثلاثة مع توقف المشروع.
في ظهيرة أحد أيام صيف العام 2016، كان علي وعبيدة وأمين يتناولون القهوة ويناقشون بعض التحديات في الأردن. كان أحد التحديات التي هيمنت على المحادثة هو التلوث وتأثيره على صحة الإنسان وعلى بيئة بلدهم الحبيب. تحولت النقاشات إلى استكشاف أفكار مبتكرة بسيطة يمكنها معالجة بعض هذه التحديات، وجعل حياة الناس اليومية أكثر راحة. طرح عبيدة فكرة إنشاء تطبيق للهاتف النقال يمكن للعملاء من خلاله طلب أسطوانات الغاز مقابل مبلغ صغير من المال. كان هدف عبيدة القضاء على الازدحام المروري الناجم عن سير شاحنات الغاز في كافة شوارع ومدن الأردن، والحد من الانبعاثات الناتجة عن هذه الشاحنات. ومن الفوائد الأخرى للتطبيق الحد من استهلاك الوقود والتلوث الضوضائي الناتج عن هذه الشاحنات في المناطق السكنية. لم يعتقد علي في البداية بأن الفكرة ستنجح. ومع ذلك، غير رأيه بعد بضعة أشهر. بدأ عبيدة إعداد التطبيق، بينما أنشأ أمين شبكة موزعي الغاز في الأردن وأدار علي جانب الأعمال والاستثمار.
تأسست Gasable في فترة قصيرة من الوقت وهو عبارة عن أول تطبيق للهاتف المحمول في الأردن يربط بين مخازن الغاز المسال ويقوم بتوصيل أسطوانات الغاز حتى عتبة بيتك.
يقول علي "إنه من الصعب علينا أن نبقى إيجابيين في بيئة سلبية!" فقد ظل المعارف والأصدقاء يخبرونهم أن هذه الفكرة لن تنجح أبداً، وأنها فكرة "غبية"، وأنه لن يستخدم أحداً هذا التطبيق. ولكن هذا لم يمنع المبتكرين الشباب الثلاثة من العمل ليلاً ونهارا لتطوير مشروعهم.
قام الشباب الثلاثة بمراقبة تزايد عدد المستخدمين كل يوم وساعة. فقد شجعوا الناس على استخدام التطبيق وتم ثقيفهم حول الآثار البيئية الإيجابية من خلال استخدام هذا التطبيق لطلب أسطوانات الغاز.
مع الكثير من العزم والعمل الشاق، أصبحت Gasable إحدى الشركات الناشئة الأسرع نمواً في الشرق الأوسط. فقد ارتفع عدد المستخدمين من 8000 مستخدم في العام 2016 إلى 75000 مستخدم مسجل في العام 2017. واليوم، Gasable لديها 400000 مستخدم، و 15000 طلب شهرياً، ومعدل نمو سنوي قدره 300%.
تم تكرار الفكرة من قِبل العديد في الأردن، حيث تم استخدام نموذج عمل Gasable، ولكن كان الأصدقاء الثلاثة مصممين على جعل Gasable الأفضل!
بعد عام من انطلاق التطبيق، قام الشباب الثلاثة بإجراء دراسة للتحقق من فعالية هذه الطريقة الجديدة لتوزيع الغاز في الأردن. ومن المدهش أنهم وجدوا أن Gasable تمكنت من تقليل استهلاك الوقود للشاحنات بمعدل 47.6% وبالتالي تم خفض ملوثات الهواء بنفس النسبة المئوية. كانت هذه النتائج بمثابة جرعة كبيرة من الحافز للفريق، حيث أنهم برهنوا أن Gasable لا تجعل حياة الناس أكثر راحة فحسب، بل إنها تساعد البيئة أيضاً.
وبطبيعة الحال، يرافق النجاح تحديات كبيرة. نظراً لكون Gasable مشروعاً ممول ذاتياً من قِبل المؤسسين، كان المبتكرون الثلاثة تحت ضغط مالي هائل أجبرهم على العمل في أكثر من وظيفة لكي يتمكنوا من تغطية نفقات مشروعهم. للأسف، لم يتمكن أمين من البقاء مع الفريق بسبب الضغوطات المالية وغادر مما شكل تحدي أكبر للفريق.
ولكن كما يقال، العمل الشاق يُؤتي ثماره! ظهرت فرصة استثمارية في المملكة العربية السعودية فذهب علي لاستكشافها، بينما سافر عبيدة إلى الخارج بحثاً عن أسواق جديدة. ووسط سلسلة من الظروف الصعبة والأحداث المؤسفة، تمكنت Gasable من التواجد في الأردن والسعودية وباكستان وإثيوبيا، وتتطلع إلى التوسع إلى دول ومناطق أخرى.
Gasable مثال حي لتمكن الشباب ذوي الاجتهاد والإصرار على #إيجاد_حلول_مبتكرة.