يتعرض الجميع للزئبق بمستوى معين - سواء من خلال الطعام الذي نتناوله أو الهواء الذي نتنفسه أو مستحضرات التجميل التي نستخدمها. ومع ذلك، فإن استنشاق أو ابتلاع كميات كبيرة من الزئبق يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية عصبية خطيرة. ويمكن أن تشمل الأعراض الارتجاف، والأرق، وفقدان الذاكرة، والصداع، وضعف العضلات، وفي الحالات القصوى، الوفاة.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك مجموعتان معرضتان للخطر بشكل خاص: الأطفال الذين لم يولدوا بعد، الذين لدى أمهاتهم مستويات عالية من الزئبق في دمائهم، وأولئك الذين يتعرضون بانتظام لمستويات مرتفعة من الزئبق، مثل صيادي السمك الكفافي.
ولمواجهة هذا التحدي العالمي، اجتمع ممثلون من الحكومات وهيئات الأمم المتحدة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني في الاجتماع الرابع المستأنف لمؤتمر الأطراف في اتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق.
في المؤتمر، الذي انعقد في الفترة من 21 إلى 25 مارس/آذار في بالي، إندونيسيا، ناقش الممثلون القضايا الرئيسية الحساسة مثل إطار تقييم فعالية الاتفاقية، وقائمة التخلص التدريجي من المنتجات المحتوية على الزئبق، وكيفية معالجة الآثار الصحية للزئبق.
وتمت تسمية الاتفاقية على اسم الخليج في اليابان حيث أدت مياه الصرف الصناعي الملوثة بالزئبق في منتصف القرن العشرين إلى تسمم آلاف الأشخاص، مما أدى إلى مشاكل صحية خطيرة أصبحت تُعرف باسم ’’مرض ميناماتا‘‘. تهدف الاتفاقية، منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 2017، إلى التحكم في إمدادات الزئبق وتجارته، وتقليل استخدام الزئبق وانبعاثاته وإطلاقه، وزيادة الوعي العام بشأنه، وبناء القدرات المؤسسية اللازمة. ودخلت حيز التنفيذ في عام 2017، واعتبارا من اليوم، تضم الاتفاقية نحو 137 طرفاً.
بينما يمكن قياس مستويات الزئبق في عينات الدم أو الشعر أو البول؛ فيما يلي بعض الطرق التي يتعرض بها البشر للعنصر يوميًا:
استهلاك الأسماك
تعد المأكولات البحرية بمثابة المصدر الرئيسي للبروتين لأكثر من ثلاثة مليارات شخص حول العالم. ونظرًا لأن الزئبق ’’يتراكم بيولوجيًا" في السلسلة الغذائية، فإن الأسماك الكبيرة مثل سمك القرش وسمك أبو سيف والتونة والمارلين تميل إلى أن تحتوي على كميات مرتفعة بشكل خاص من الزئبق. يمكن أن يتعرض الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة جدًا من المأكولات البحرية لمستويات عالية من ميثيل الزئبق، وهو مركب عضوي يتراكم في أجسام الأسماك.
وقد لوحظ التسمم بالزئبق الناجم عن استهلاك الحيوانات البحرية بين مجموعات السكان الأصليين في أجزاء كثيرة من العالم، وخاصة في القطب الشمالي. ويمكن أن يصل استهلاك الفرد من المأكولات البحرية في تلك المجتمعات إلى 15 مرة أعلى من المجموعات غير الأصلية، وفقًا لتقييم الزئبق العالمي لعام 2018 التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
مستحضرات التجميل
يمكن أيضًا العثور على الزئبق في منتجات التجميل، وخاصة كريمات تفتيح البشرة، وكذلك في مستحضرات تجميل العيون ومنتجات تنظيف العيون. في حين أن العديد من البلدان قد فرضت قوانين تحظر استخدام الزئبق في مستحضرات التجميل، إلا أن البعض الآخر لم يفعل ذلك بعد، وتم العثور على المنتجات الملوثة بالزئبق في كبرى سلاسل تجارة التجزئة على الإنترنت. يجب على المستهلكين الذين يتطلعون إلى تجنب العنصر السام وأن يقوموا بشراء المنتجات من بائعين موثوقين والتأكد من أن منتجاتهم مختومة بشكل صحيح وموسومة. يمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول هذا الموضع من خلال منظمة الصحة العالمية.
التعدين الضيق النطاق
يستخدم عمال مناجم الذهب الحرفي والضيق النطاق الزئبق بانتظام لمساعدتهم على فصل الذهب عن المواد الأخرى، وينتهي المطاف بمعظم عنصر الزئبق في البيئة. ففي عام 2015، وفقًا لتقييم الزئبق العالمي، أطلق التعدين الحرفي والضيق النطاق حوالي 800 طن من الزئبق في الهواء، أي ما يقرب من 38 في المائة من الإجمالي العالمي، كما أطلق أيضًا حوالي 1200 طن من الزئبق في الأراضي والمياه. ويمثل التسمم بالزئبق أيضًا تهديدًا خطيرًا ومباشرًا للصحة لنحو 12 مليون إلى 15 مليون شخص يعملون في هذا القطاع حول العالم. ويعد الحد من انبعاثات الزئبق والإطلاقات من التعدين هدفًا رئيسيًا لاتفاقية ميناماتا، والتي تتطلب من البلدان التي لديها تعدين الذهب الضيق النطاق وضع خطط عمل وطنية لتقليل التعرض للزئبق أو القضاء عليه في هذا القطاع.
حرق الفحم
لا يساهم حرق الفحم في تلوث الهواء وأزمة المناخ فحسب، بل إنه أيضًا مصدر رئيسي لانبعاثات الزئبق البشرية المنشأ. وجد تقييم الزئبق العالمي لعام 2018 أن حرق الفحم والأشكال الأخرى للوقود الأحفوري واحتراق الكتلة الحيوية كانت مسؤولة عن حوالي 24 في المائة من انبعاثات الزئبق العالمية. وعلى الرغم من أن الفحم يحتوي فقط على تركيزات صغيرة من الزئبق، يميل الناس إلى حرقه بكميات كبيرة. ومع نمو الاقتصاد العالمي، كذلك يتزايد حرق الفحم لتوليد الطاقة. والخبر السار هو أنه يمكن تقليل ما يصل إلى 95 في المائة من انبعاثات الزئبق من محطات الطاقة عن طريق تحسين أداء الفحم والمحطات، وتحسين أنظمة التحكم في الملوثات الأخرى.
ملغم الأسنان
لأكثر من مائة عام، كان الزئبق أحد المكونات الأساسية في ملغم الأسنان، وهو الخليط الذي يستخدمه أطباء الأسنان لملء تجاويف أسنان مرضاهم. وعلى الرغم من أن الملغم ربما لا يشكل سوى الحد الأدنى من التهديد لصحة أولئك الذين يستخدمونه في أفواههم، فإن استخدام الزئبق في الملغم يساهم أيضًا في التراكم التدريجي للعنصر السام في بيئتنا. ولمواجهة هذا التحدي، تقترح اتفاقية ميناماتا تسعة تدابير محددة "للتقليل التدريجي من استخدام ملغم الأسنان" في جميع أنحاء العالم. وتشمل الخطوات تحديد أهداف وطنية لتقليل استخدام الملغم، وتشجيع استخدام البدائل الخالية من الزئبق، ودعم أفضل الممارسات في إدارة نفايات الزئبق.
لمزيد من المعلومات، يرجى بزيارة الموقع الشبكي لاتفاقية ميناماتا، والاطلاع على تقييم الزئبق العالمي لعام 2018 والتعرف على المزيد حول نتائج مؤتمر الأطراف الأخير.