يُحتفل بيوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام. ويدعم برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاعتراف بحقوق الإنسان المتعلقة بالبيئة والنهوض بها وتنفيذها في نهج متعدد الأوجه، بما في ذلك من خلال مبادرة الحقوق البيئية - وهي مجموعة من الأعمال القائمة على الحقوق التي يضطلع بها برنامج الأمم المتحدة للبيئة والشركاء لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. واحترام التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة.
وفي هذا العام، نستكشف كيف أن إحدى الفائزات بجائزة أبطال الأرض في برنامج الأمم المتحدة للبيئة تدافع عن الحق في التمتع ببيئة صحية من خلال زيادة الوعي العام حول تلوث الهواء.
إذا كانت الصورة تساوي ألف كلمة، فبالنسبة لماريا كوليسنيكوفا، الفائزة بجائزة أبطال الأرض لهذا العام في فئة الرؤية الريادية، فإن الصورة تستحق البدء في التحرك.
كان ذلك عام 2016، وكانت ماريا كوليسنيكوفا، وهي محترفة في العلاقات العامة، تبلغ من العمر 28 عاماً، وتتطوع في مؤسسة موف غرين MoveGreen، وهي منظمة بيئية يقودها الشباب في جمهورية قيرغيزستان.
وهناك، أظهر أحدهم لكوليسنيكوفا صورة لبيشكيك، وهي تنظر إلى الأسفل من الجبال المحيطة بالعاصمة القرغيزية. وقالت: ’’أنت فقط لا تستطيعين رؤية المدينة‘‘. ’’كانت بيشكيك مغطاة للتو بهذا الغطاء الرمادي. لم نكن نعرف ماذا نسميه. ما عرفناه هو أنه كان سيئًا حقًا‘‘.
وتعد مدينة بيشكيك، التي يقطنها ما يقرب من مليون شخص، من بين مدن العالم التي تعاني من أسوأ تلوث للهواء. خلال أشهر الشتاء، غالبًا ما تكون محاصرة تحت قبة من الضباب الدخاني الناجم عن بيئتها الطبيعية - حيث تكون درجة حرارة المدينة، في المتوسط، 5 درجات مئوية أكثر دفئًا من المناطق المحيطة بها - والدخان المنبعث من الفحم المستخدم لتدفئة معظم المنازل.
وقالت كوليسنيكوفا: ’’أردنا أن نفهم المزيد عما كان في الهواء الذي نتنفسه، والبيانات التي كانت المدينة تجمعها من أجل محاولة تحسين الأمور‘‘. ’’لكننا لم نعثر على أي بيانات فعلية ذات صلة - إما أنه لم يتم جمعها أو لم يتم مشاركتها. لذلك، قررنا إنتاج البيانات بأنفسنا.‘‘
بداية متواضعة
بدأت منظمة موف غرين بثلاثة أجهزة استشعار فقط لقياس نوعية الهواء، أي من خلال المراقبة لأول مرة في جمهورية قيرغيزستان مستويات الجسيمات الدقيقة (PM 2.5) الناتجة عن حرق الفحم وأنواع الوقود الأخرى والاحتراق والغبار. بتركيزات عالية بما فيه الكفاية، يمكن أن يسبب التهاب في الرئتين وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتسبب تلوث الهواء في وفاة ما يصل إلى 7 ملايين شخص كل عام.
وعندما عادت القياسات الأولى، اتخذت كوليسنيكوفا والفريق في منظمة موف غرين قراراً جريئاً. أطلقوا حملة تسمى ’’تتنفس المدارس بسهولة‘‘، ونقلوا رسالتهم إلى السكان الذين كانوا على استعداد للاستماع: أطفال المدارس في بيشكيك. وعلى الصعيد العالمي، يعيش 93 في المائة من الأطفال في بيئات تكون فيها مستويات تلوث الهواء أعلى من إرشادات منظمة الصحة العالمية. ويموت حوالي 600000 شخص بوفاة مبكرة كل عام بسبب تلوث الهواء، كما أن التعرض للهواء الملوث يمكن أن يضعف النمو المعرفي والحركي ويعرض الأطفال لخطر أكبر للإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق من الحياة.
وفي بيشكيك، تم تركيب أجهزة استشعار في المدارس لقياس نوعية الهواء حتى تتمكن الفصول الدراسية من إبقاء نوافذها مغلقة عندما يكون تلوث الهواء شديدًا. كما استخدم اختصاصيو التوعية البيانات لتحذير الآباء بشأن منع أطفالهم من التعرض للجسيمات الدقيقة. واليوم، هناك أكثر من 100 جهاز استشعار مثبت في المدينة والمنطقة.
شجع نجاح الحملة المدرسية كوليسنيكوفا، التي ترقت بحلول هذا الوقت لتصبح مديرة منظمة موف غرين. لم يكن جمع البيانات كافياً. كانت هناك حاجة إلى حركة لإقناع صناع القرار بتحسين جودة هواء بيشكيك.
طورت موف غرين تطبيقًا ، متاحًا الآن عالميًا، يسمى AQ.kg وهو مُجمع في الوقت الفعلي ومرسل للبيانات القابلة للتنفيذ حول نوعية الهواء. يجمع التطبيق البيانات كل 20 دقيقة من أكبر مدينتين في قيرغيزستان، بشكيك وأوش، حول تركيز الملوثات في الهواء، بما في ذلك الجسيمات الدقيقة PM2.5 والجسيمات الدقيقة الأكبر PM10.
وقالت كوليسنيكوفا: ’’لقد تم تحدي بياناتنا، وتم تحدي أساليبنا - من قبل أولئك الذين يقولون إن بيانات مراقبة المواطنين غير موثوقة‘‘. "لكننا ظللنا نعقد الاجتماعات وواصلنا العودة والآن يستمعون. كانت نتيجة عملنا مرتبطة بالحكومة، لتحسين المراقبة البيئية في بيشكيك، للقيام بعمل أفضل في مراقبة الانبعاثات وتقليلها‘‘.
وقالت إنغر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’يعكس عمل كوليسنيكوفا كيف يمكن للأفراد والمواطنين دفع التغيير البيئي من خلال الاستفادة من قوة العلم والبيانات‘‘. ’’في كثير من الأحيان، يتساءل الناس عما إذا كان هناك أي شيء يمكنهم القيام به لمكافحة التلوث وتغير المناخ والتهديدات الأخرى التي يتعرض لها الكوكب. وماريا كوليسنيكوفا قد أثبتت أن ذلك ممكناً. تفانيها في العمل رائع ويظهر أنه يمكننا جميعاً لعب دور في وضع الكوكب على الطريق نحو مستقبل أفضل‘‘.
جاء فوز كوليسنيكوفا بجائزة أبطال الأرض قبل أيام قليلة من يوم حقوق الإنسان، الذي يصادف 10 ديسمبر/كانون الأول. لقد كان تآزرًا غير متوقع. أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام أن التمتع ببيئة صحية ومستدامة هو حق من حقوق الإنسان، وهو موقف تدعمه كوليسنيكوفا.
قالت: ’’من حقنا أن نتنفس هواء نقيًا‘‘.
’’شخص ما يجب أن يتحمل المسؤولية عن المستقبل - لماذا لا يكون أنا؟‘‘
الخطط المستقبلية
تتضمن خطط منظمة موف غرين في الأشهر المقبلة الدعوة إلى سياسات على المستوى المحلي والوطني لوضع قوانين التي تتطلب جلسات إعلامية منتظمة حول نتائج قياسات نوعية الهواء. التزمت جمهورية قيرغيزستان بأهداف عالمية لمكافحة تغير المناخ، بما في ذلك هدف غير مشروط للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تزيد عن 16 في المائة بحلول عام 2025.
هناك فرص هائلة لمصادر الطاقة البديلة. تم تطوير 10 في المائة فقط من إمكانات الطاقة الكهرومائية في قيرغيزستان، ويمكن أن تشمل خيارات الطاقة المتجددة الأخرى تعزيز التدفئة وإمدادات الكهرباء من خلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية والغاز الحيوي. وهناك فرص هائلة لمصادر الطاقة البديلة. وقد طُور 10 في المائة فقط من إمكانات الطاقة الكهرومائية في قيرغيزستان، ويمكن أن تشمل خيارات الطاقة المتجددة الأخرى تعزيز التدفئة وإمدادات الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز الحيوي، وهو وقود ينتج غالبًا من النفايات الزراعية.
ووفقًا لما قالته كوليسنيكوفا، إذا كان هناك المزيد من الاستثمار في العلوم في قيرغيزستان، فستكون الدولة قادرة على هندسة حلولها الخاصة وإنشاء مجتمع مراعِ للبيئة يعيش في وئام مع الطبيعة المحيطة به، بما في ذلك جبالها الحبيبة.
ونظراً لعدم وجود حدود لتلوث الهواء، تدخل كوليسنيكوفا و موف غرين في ترتيبات إقليمية مع دول أخرى في آسيا الوسطى. ويتمثل هدفها في إقناع دول المنطقة الست للتعاون بشأن طرق معالجة تلوث الهواء في مدنهم المتنامية. وسيكون وضع أنظمة ومعايير لتقييم نوعية الهواء أمرًا بالغ الأهمية. ووجدت دراسة حديثة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن 57 بلداً فقط تراقب نوعية الهواء باستمرار، في حين أن 104 من البلدان ليس لديها بنية تحتية للرصد.
تقول كوليسنيكوفا إن ما يدفعها هو الرغبة في جعل العالم مكانًا أفضل.
’’في كثير من الأحيان، يمكنك أن تفقد الحافز بصفتك ناشطًا - فأنت تعمل بجد، ولا ترى نتائج مساعيك، وفي النهاية، تشعر أنك لا تريد الاستمرار. ولكن بعد ذلك تدرك، لا. شخص ما يجب أن يتحمل المسؤولية عن المستقبل. لماذا لا يجب أن يكون أنا؟‘‘
تعترف جائزة أبطال الأرض، وجائزة أبطال الأرض الشباب التي يمنحها برامج الأمم المتحدة للبيئة بالأفراد والجماعات والمنظمات الذين يكون لأعمالهم تأثير تحويلي على البيئة. تُمنح جائزة أبطال الأرض سنوياً وهي أعلى تكريم بيئي تمنحه الأمم المتحدة.
توفر لوحة قياس تلوث الهواء في برنامج الأمم المتحدة للبيئة بيانات في الوقت الفعلي عن تلوث الهواء في جميع أنحاء العالم، وتأثيره على صحة الإنسان والجهود الوطنية لمعالجة هذه المشكلة.