الملخص التنفيذي
حصيلة عام من المستويات القياسية الجديدة
يشهد العالم تسارعاً مثيراً للقلق في عدد المستويات القياسية الجديدة المسجلة في مجال المناخ وكذلك سرعة تسجيلها ومدى تأثيرها. شهد هذا العام حتى وقت كتابة هذا التقرير تسجيلَ 86 يوماً تجاوزت درجات الحرارة فيها 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. لم يكن شهر سبتمبر/أيلول هو الشهر الأكثر حَرّاً على الإطلاق فحسب، بل تجاوز أيضاً الرقم القياسي السابق بمقدار غير مسبوق وصل إلى 0.5 درجة مئوية، حيث بلغ متوسط درجات الحرارة في العالم إلى 1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. وترافق تسجيل هذه المستويات القياسية بأحداث مدمرة شديدة التأثير حذرتنا الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (هيئة المناخ) من أنها ليست سوى البداية لما هو أعظم. في حين أن المستويات القياسية المسجلة لا تدل على أن العالم قد تجاوز حد 1.5 درجة مئوية والذي حدده اتفاق باريس كمؤشر على مستويات الاحترار العالمي بالاستناد إلى متوسطات درجات الحرارة خلال عدة عقود، إلا أن هذه المستويات تشير إلى أننا نقترب من ذلك.
يأتي نشر تقرير فجوة الانبعاثات الرابع عشر هذا قبل انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (مؤتمر الأطراف). وهو يشكل تقييماً سنوياً مستقلاً يستند إلى العلم لتقدير الفجوة بين ما تم التعهد به وما هو مطلوب من خفض لانبعاثات غازات الدفيئة من أجل الوصول إلى الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة، كما يتناول التقرير الفرصَ المتاحة لسد هذه الفجوة. تمثل الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف اختتام الحصيلة العالمية الأولى التي اعتمدها اتفاق باريس، ليتم استخلاصها كل خمس سنوات بغية تقييم الاستجابة العالمية لأزمة المناخ ورسم طريق أفضل للمضي قدماً. وتأتي هذه الدورة لتعكس بشكل وثيق الهدفَ من تقرير فجوة الانبعاثات، علماً أنّ هذا التقرير يسعى إلى تقديم نتائج ذات صلة بالمناقشات الختامية التي تندرج ضمن إطار الحصيلة العالمية.
يتناول هذا التقرير ما هو مطلوب في هذا العقد وما بعد عام 2030 من أجل الحفاظ على إمكانية تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة، وذلك بغية إطلاع الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف على أمور تتضمن النتائج المطلوبة من الحصيلة العالمية، ولكي يمهّد الطريق للجولة التالية من المساهمات المحددة وطنياً التي يُطلب من البلدان تقديمها في عام 2025، والتي ستتضمن الغايات الواجب تحقيقها في خفض الانبعاثات لعام 2035. ويؤكد التقرير أن المحافظة على إمكانية تحقيق هدف اتفاق باريس تتوقف على العمل بلا هوادة لتعزيز إجراءات التخفيف خلال هذا العقد بُغية تقليص فجوة الانبعاثات. وذلك من شأنه أن يتيح وضع غايات أكثر طموحاً في لعام 2035 في الدورة التالية من المساهمات المحددة وطنياً، كما أنه يمهد الطريق لتعزيز مصداقية التعهدات بالوصول للصافي الصفري للانبعاثات وإمكانية تحقيق تلك التعهدات التي تغطي حتى الآن حوالي 80 في المائة من الانبعاثات العالمية. إن الفشل في خفض الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في عام 2030 إلى ما دون المستويات التي تشير إليها المساهمات الحالية المحددة وطنياً سيجعل وقوف الاحترار عند حد 1.5 درجة مئوية أو تجاوز ذلك الحد بقليل أمراً مستحيلاً، كما سيزيد كثيراً من الصعوبة في إبقاء الاحترار عند 2 درجة مئوية.
كما يوضح هذا التقرير، لم يقتصر الأمر على استمرار تسجيل درجات حرارة قياسية فحسب، بل سجلت الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أيضاً مستويات قياسية جديدة في عام 2022. ونظراً للفشل في اتّخاذ إجراءات صارمة لخفض الانبعاثات في البلدان ذات الدخل المرتفع والتي تصدر انبعاثات عالية (والتي تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن الانبعاثات الماضية)، وللحد من زيادة الانبعاثات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل (التي تصدر غالبية الانبعاثات الحالية)، فإن الأمر يتطلب الآن من جميع البلدان اتخاذ إجراءات غير مسبوقة. بالنسبة للبلدان ذات الدخل المرتفع، فإن ذلك يعني تسريع خفض الانبعاثات المحلية بشكل أكبر والالتزام بالوصول إلى الصافي الصفري في أقرب وقت ممكن، وبصورةٍ أسرع من المتوسطات العالمية الواردة في التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، كما يتطلب في الوقت نفسه توفير الدعم المالي والتقني للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وأما بالنسبة لتلك البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فذلك يعني ضرورة تلبية الاحتياجات الملحة للتنمية جنباً إلى جنب مع التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري. أضف الى ذلك، من المرجح أن يؤدي التأخير اتّخاذ إجراءات صارمة لتخفيف آثار تغير المناخ إلى زيادة الاعتماد في المستقبل على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، إلا أنه لا يمكن التسليم بإمكانية توفر خيارات إزالة ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع في المستقبل. وبالتالي، فإن التقرير هذا العام يستكشف الفرصَ والتحديات المرتبطة بتحولات الطاقة وكذلك بتطوير خيارات إزالة ثاني أكسيد الكربون ونشرها.
1. الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة تسجل مستوىً قياسياً جديداً بلغ 57.4 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2022
- ازدادت الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة بنسبة 1.2 في المائة بين عامي 2021 و2022 لتسجل مستوىً قياسياً جديداً بلغ 57.4 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (الشكل م ت - 1). وشهدت الفترة صعوداً جديداً كاملاً للانبعاثات في جميع القطاعات باستثناء النقل، بعد الانخفاض الذي نجم عن جائحة كوفيد-19، حيث تتجاوز الانبعاثات الآن المستويات التي كانت عندها في عام 2019. وكانت المساهمات الرئيسية في الزيادة الإجمالية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري والعمليات الصناعية، حيث تشكل حوالي ثلثي الانبعاثات الحالية لغازات الدفيئة. وتشهد انبعاثات غازَي الميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O) والغازات المفلورة (F-gases) تزايداً سريعاً، علماً أن من شأنها المساهمة بالاحترار العالمي بشكل كبير وتمثل حوالي ربع الانبعاثات الحالية لغازات الدفيئة. ففي عام 2022، ارتفعت انبعاثات الغازات المفلورة بنسبة 5.5 في المائة تلاها غاز الميثان بنسبة 1.8 في المائة وغاز أكسيد النيتروز بنسبة 0.9 في المائة. وفقاً للتقديرات المبكرة، بقيت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن مجال استخدام الأراضي وتغيير استخدام الأراضي والحراجة ثابتة في عام 2022. ولا يزال يتركز أكبر قدر من الغموض حول انبعاثات وإزالة ثاني أكسيد الكربون من مجال استخدام الأراضي وتغيير استخدام الأراضي والحراجة، مقارنةً مع جميع الغازات التي تؤخذ بالاعتبار، سواء من حيث كمياتها المطلقة أو الاتّجاهات التي تأخذها.
- كما ارتفعت انبعاثات غازات الدفيئة الصادرة عن بلدان مجموعة العشرين بنسبة 1.2 في المائة في عام 2022، على الرغم من وجود تباين كبير بين اتّجاهات البلدان الأعضاء حيث سجّلت الانبعاثات زياداتٍ في كل من الصين والهند وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية بينما سجّلت انخفاضات في كل من البرازيل والاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي. وبشكل جماعي تشكل مجموعة العشرين حالياً 76 في المائة من الانبعاثات العالمية.
الشكل م ت - 1 إجمالي صافي انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ في الفترة من 1990 إلى 2022
- شهد العام 2022 ازدياداً في الاستهلاك العالمي للطاقة الأولية حيث تمت تلبيته بشكل رئيسي من خلال نمو إمدادات الفحم والنفط والكهرباء المتجددة، في حين انخفض استهلاك الغاز بنسبة 3 في المائة في أعقاب أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا. بشكل عام، تمت تلبية نمو صافي الطلب على الكهرباء في عام 2022 بشكل أساسي من خلال مصادر الطاقة المتجددة (باستثناء الطاقة الكهرمائية)، وساهم في ذلك تسجيل ارتفاع قياسي في الإضافات التي تم تحقيقها في قدرات الطاقة الشمسية. ومع ذلك، استمرت الاستثمارات في استخراج الوقود الأحفوري واستخدامه في معظم مناطق العالم. على الصعيد العالمي، ما زالت خطط الحكومات لعام 2030 تتضمن إنتاجَ أكثر من ضعف كمية الوقود الأحفوري التي ينبغي أن يقف الإنتاج عندها انسجاماً مع الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة.
2. تتوزّع الانبعاثات حالياً كما كان سابقاً بشكلٍ غير متساوٍ إلى حدٍّ كبير داخل البلد الواحد وفيما بين البلدان المختلفة، وذلك يعكس أنماطاً عالميةً لعدم المساواة
- يختلف نصيب الفرد من الانبعاثات الإقليمية لغازات الدفيئة بشكل كبير بين مختلف البلدان، إذ يزيد عن ضعف المتوسط العالمي البالغ 6.5 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية بينما يبقى نصيب الفرد في الهند أقل من نصف هذه الكمية. ويتشابه نصيب الفرد من الانبعاثات إلى حد ما في البرازيل والاتحاد الأوروبي وإندونيسيا حيث تنخفض مستويات الانبعاثات قليلاً تحت المتوسط لدى مجموعة العشرين. بلغ متوسط مجموعة العشرين كَكُل 7.9 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في حين بلغ المتوسط لدى البلدان الأقل نمواً 2.2 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وبلغ المتوسط في الدول الجزرية الصغيرة النامية 4.2 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
- •هناك أيضاً عدم مساواة في الانبعاثات القائمة على الاستهلاك بين البلدان المختلفة وداخل البلد الواحد. تبيّن على صعيد العالم أن 10 في المائة من السكان الذين يتمتعون بأعلى مستويات الدخل كانوا مسؤولين عما يقرب من نصف الانبعاثات (48 في المائة)، ويعيش ثلثا هذه المجموعة في البلدان المتقدمة النمو. وأما مجموع 50 في المائة الذين يمتلكون أدنى مستويات الدخل فلم يساهموا إلا في 12 في المائة فقط من إجمالي الانبعاثات.
الشكل م ت - 2 : المساهمات الحالية والسابقة في تغير المناخ
3. لم يطرأ على المساهمات المحددة وطنياً سوى تغير ضئيل منذ الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، لكن تم إحراز بعض التقدم في تلك المساهمات وفي بعض السياسات منذ اعتماد اتفاق باريس
- قدمت تسعة بلدان مساهمات محددة وطنياً، جديدة أو مُحدَّثة، منذ الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف وحتى 25 أيلول/سبتمبر 2023، ليصل إجمالي عدد المساهمات التي تم تحديثها منذ تقديم المساهمات المحددة وطنياً الأولية قبل اتفاق باريس أو بعده إلى 149 (على اعتبار أن الاتحاد الأوروبي هو طرف واحد بجميع الدول الأعضاء السبعة والعشرين فيه). وهناك الآن المزيد من المساهمات المحددة وطنياً التي تتضمن غايات لخفض غازات الدفيئة، كما أن المزيد من هذه الغايات تشمل الاقتصاد بأكمله حيث تغطي كل اقتصاد البلد بدلاً من اقتصارها على قطاعات محددة فقط.
- إذا تم تنفيذ جميع المساهمات المحددة وطنياً غير المشروطة، سواء الجديدة أو المُحدَّثة، فمن المتوقع أن تنخفض الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة بنحو 5 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 1.8 و8.2 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) سنوياً بحلول عام 2030، مقارنة بالمساهمات المحددة وطنياً الأولية. وإن التأثير الكلي للمساهمات المحددة وطنياً التسعة التي تم تقديمها منذ الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف يشكّل حوالي 0.1 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من ذلك الإجمالي. وبالتالي، في حين أنه لم يتم إحراز سوى تقدم ضئيل في المساهمات المحددة وطنياً منذ الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، فإن التقدم الذي تم إحرازه منذ اعتماد اتفاق باريس في الدورة الحادية والعشرين لذات المؤتمر كان أكثر وضوحاً بالرغم من استمرار عدم كفايته لتقليص فجوة الانبعاثات.
- إنّ التقدم الذي تم إحرازه منذ اتفاق باريس يزداد وضوحاً في الجانب المتعلق بالسياسات. على الصعيد العالمي، عندما تم اعتماد اتفاق باريس كان من المتوقع أن تزيد انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2030 بنسبة 16 في المائة بناءً على السياسات التي كان معمولاً بها في ذلك الوقت، أما الآن فتبلغ الزيادة المتوقعة 3 في المائة.
- ساهم التقدم المُحرَز في السياسات في تقليص فجوة التنفيذ، والتي تُعرَّف بأنها الفرق بين الانبعاثات المتوقعة في ظل السياسات الحالية والانبعاثات المتوقعة في ظل التنفيذ الكامل للمساهمات المحددة وطنياً. وتشير التقديرات إلى أن فجوة التنفيذ العالمية لعام 2030 تبلغ حوالي 1.5 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بالنسبة للمساهمات المحددة وطنياً غير المشروطة (وهذا يشكل انخفاضاً بالمقارنة مع 3 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون التي تم تقديرها العام الماضي) و5 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بالنسبة للمساهمات المحددة وطنياً المشروطة (ما يشكل انخفاضاً بالمقارنة مع 6 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون التي تم تقديرها العام الماضي). كما تم أيضاً تقليص فجوة التنفيذ الخاصة بأعضاء مجموعة العشرين. من المتوقع أن يواجه أعضاء مجموعة العشرين مجتمعين عجزاً في تنفيذ مساهماتهم المحددة وطنياً، سواء الجديدة أوالمُحدَّثة، يتمثل بمقدار 1.2 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2030، وهو أقل بمقدار 0.6 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عن تقييم العام الماضي (الشكل م ت - 3). ويعد أثر السياسات التي تم تنفيذها حديثاً بمثابة محرك رئيسي يقف وراء توقعات انخفاض الانبعاثات العالمية والانبعاثات الخاصة بمجموعة العشرين لعام 2030. وهناك أيضاً عوامل أخرى تشمل التغيرات في اتّجاهات الانبعاثات والظروف الاجتماعية والاقتصادية
الشكل م ت - 3: فجوات التنفيذ بين السياسات الحالية وتعهدات المساهمات المحددة وطنياً لأعضاء مجموعة العشرين جماعياً أو فردياً بحلول عام 2030، مقارنة بانبعاثات عام 2015
4. ما زال عدد التعهدات بتحقيق الصافي الصفري آخذ في ازدياد إلا أن الثقة في تنفيذها ما زالت منخفضة
- حتى 25 أيلول/سبتمبر 2023، وصل عدد الأطراف التي تبنّت تعهدات بالوصول للصافي الصفري إلى 97 طرفاً تغطي بمجموعها حوالي 81 في المائة من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، وكانت تلك التعهّدات إما في القانون (27 طرفاً) أو في إطار وثائق سياسات مثل المساهمات المحددة وطنياً أو الاستراتيجيات طويلة الأمد (54 طرفاً) أو في التزامات علنية صادرة عن مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى (16 طرفاً)، ويمثل ذلك ارتفاعاً بالمقارنة مع عدد الأطراف التي تبنّت هكذا تعهدات والذي بلغ آنذاك 88 طرفاً. تغطي الغايات الموضوعة لتحقيق الصافي الصفري بحلول العام 2050 أو قبل ذلك ما مجموعه 37 في المائة من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، في حين أن التعهدات بالوصول للصافي الصفري في السنوات اللاحقة لذلك العام تغطي 44 في المائة من الانبعاثات العالمية.
- نظراً إلى أن أعضاء مجموعة العشرين تتحمل المسؤولية عن 76 في المائة من الانبعاثات العالمية، فإن هذه البلدان ستضطلع بالدور الأكبر في الوصول بالانبعاثات العالمية إلى الصافي الصفري. ولحسن الحظ أن جميع أعضاء مجموعة العشرين باستثناء المكسيك قد حددت أهدافاً بتحقيق الصافي الصفري، وعلى مدى العام الماضي، اتخذت بعض البلدان الأعضاء خطوات مهمة نحو تعزيز وتنفيذ غاياتها. ولكن بشكل عام، لم يتم إحراز سوى تقدم محدود حتى الآن فيما يتعلق بالمؤشرات الرئيسية التي تبعث على الثقة في إمكانية تنفيذ الصافي الصفري بين أعضاء مجموعة العشرين، وتتضمن تلك المؤشرات الوضع القانوني، ووجود خطط التنفيذ بالإضافة لنوعية هذه الخطط، وتوافق مسارات الانبعاثات على المدى القريب مع غايات الصافي الصفري. ومن أكثر الأمور المقلقة أن لا أحد من أعضاء مجموعة العشرين يعمل حالياً على خفض الانبعاثات بوتيرة متّسقة مع تحقيق غايات الصافي الصفري.
5. ما زالت فجوة الانبعاثات في عام 2030 كبيرة: تشير المساهمات المحددة وطنياً غير المشروطة والقائمة حالياً إلى وجود فجوة قدرها 14 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون تفصلنا عن الوصول لهدف 2 درجة مئوية وفجوة قدرها 22 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية. وتنخفض هذه التقديرات بمقدار 3 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في حال تم التنفيذ الإضافي للمساهمات المحددة وطنياً المشروطة
- تُعرَّف فجوة الانبعاثات بأنها الفرق بين الانبعاثات العالمية التقديرية لغازات الدفيئة الناتجة عن التنفيذ الكامل لآخر ما تم التوصل إليه من مساهمات محددة وطنياً، وتلك الانبعاثات الموجودة ضمن المسارات الأقل تكلفة المتوافقة مع الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة.
- تفترض هذه المسارات الأقل تكلفة اتّخاذ إجراءاتٍ صارمة لخفض الانبعاثات ابتداءً من عام 2020، الأمر الذي تناقضه الاتّجاهات الحالية. وبما أن الانبعاثات اليوم أعلى مما كانت عليه في عام 2020 فذلك يعني أن العالم قد استنفد بالفعل ميزانية الكربون المحدودة المتبقية والتزم باحترار عالمي أعلى قليلاً مما أشارت إليه المسارات الأقل تكلفة، إلا في حال كان هناك المزيد من التسريع في خفض الانبعاثات بعد اتّساق مستويات الانبعاثات مع المسارات الأقل تكلفة. ولذلك من المرجح ألا تتجاوز تقديرات فجوة الانبعاثات الحد الأدنى لأنها لا تأخذ في الحسبان فائض الانبعاثات التي صدرت منذ عام 2020 مقارنة بالمسارات الأقل تكلفة. ولهذا السبب، ينبغي قراءة هذه التقديرات بالانتباه إلى هذا الأمر.
- تبقى فجوة الانبعاثات لعام 2030 إلى حد كبير بدون تغيير مقارنةً بتقييم العام الماضي. وتشير التقديرات إلى أن التنفيذ الكامل للمساهمات المحددة وطنياً غير المشروطة سيؤدي إلى فجوة في مسارات أقل من 2 درجة مئوية تبلغ حوالي 14 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 13و 16 جيغا طن) مع احتمال لا يقل عن 66 في المائة. وإذا تم أيضاً التنفيذ الكامل للمساهمات المحددة وطنياً المشروطة، فسيتم تقليص فجوة الانبعاثات التي تقل عن 2 درجة مئوية إلى 11 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 9 و15جيغا طن) (الجدول م ت - 1 والشكل م.ت - 4).
- تبلغ فجوة الانبعاثات في عام 2030 بين المساهمات المحددة وطنياً غير المشروطة ومسارات 1.5 درجة مئوية حوالي 22 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 21 و24 جيغا طن) مع احتمال لا يقل عن 50 في المائة. وإذا تم أيضاً التنفيذ الكامل للمساهمات المحددة وطنياً المشروطة فسيتم تقليص فجوة الانبعاثات وفق سيناريو 1.5 درجة مئوية إلى 19 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 17 و23 جيغا طن).
- تشير التقديرات إلى أن المساهمات المحددة وطنياً، سواء المشروطة أو غير المشروطة، لعام 2030 ستؤدي إلى خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 9 في المائة و2 في المائة على التوالي، بالمقارنة مع مسارات السياسات الحالية وعلى افتراض أنها ستنفَّذ بالكامل. وللوصول إلى مستويات متّسقة مع المسارات الأقل تكلفة التي تحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 2 درجة مئوية و1.5 درجة مئوية، لا بدّ من خفض الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة بنسبة 28 في المائة و42 في المائة على التوالي. ويقل هذا بمقدار نقطتين مئويتين عن تقييم العام الماضي، مما يوضح التقدم الذي تم إحرازه في تقليص فجوة التنفيذ بين السياسات الحالية والمساهمات المحددة وطنياً.
- بالرغم من ذلك، لا بدّ من إجراءات تخفيف فورية ومتسارعة تعمل بلا هوادة لتحقيق التخفيضات الهائلة في الانبعاثات السنوية، والتي يتطلب إجراؤها من الآن وحتى عام 2030 بغية تقليص فجوة الانبعاثات، وذلك بالتزامن مع تخفيضات سنوية لا مثيل لها مطلوبة أيضاً لسد الفجوة حتى من دون حساب فائض الانبعاثات التي حصلت منذ العام 2020.
الشكل م ت - 4 الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في ظل سيناريوهات مختلفة وفجوة الانبعاثات في عامَي 2030 و2035 (تقدير المتوسط ونطاق نسبته من 10 إلى 90 في المائة)
الشكل م ت - 4الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في ظل سيناريوهات مختلفة وفجوة الانبعاثات في عامَي 2030 و2035 (تقدير المتوسط ونطاق نسبته من 10 إلى 90 في المائة)
6. إن الإجراءات المتخذة في هذا العقد ستحدد سقفَ الطموح الذين سيكون مطلوباً في الجولة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً لعام 2035 ومدى إمكانية تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
- من المتوقع أن ينتج عن الحصيلة العالمية الأولى التي تتم بموجب اتفاق باريس ما يفيد الجولة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً التي سيُطلب من البلدان تقديمها في عام 2025 والتي ستشمل غايات للعام 2035. بشكل عام، يجب أن يكون الطموح العالمي في الجولة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً كافياً للوصول بالانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في عام 2035 إلى مستويات تتوافق مع مسارات أقل من 2 درجة مئوية و1.5 درجة مئوية والتي تتمثل بمقدار 36 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 31 و39 جيغا طن) و25 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن نطاق بين 20 و27 جيغا طن) على التوالي (الجدول م ت - 2)، مع التعويض أيضاً عن فائض الانبعاثات حتى يتم تحقيق مستويات تتوافق مع هذه المسارات.
- في المقابل، إن استمرار السياسات الحالية وسيناريوهات المساهمات المحددة وطنياً سيؤدي إلى اتساع الفجوات في عام 2035 وربما وصولها إلى مستويات يستحيل سدها (الجدول م ت - 1). من المتوقع أن يؤدي استمرار السياسات الحالية إلى كمية انبعاثات عالمية لغازات الدفيئة تبلغ 56 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2035 (الجدول م ت - 1)، وهو ما يزيد بنسبة 36 في المائة و55 في المائة عن المستويات المتوافقة مع مسارات أقل من 2 درجة مئوية و1.5 درجة مئوية على التوالي (الجدول م ت - 2)، من دون التعويض عن فائض الانبعاثات.
- تؤكد هذه النتائج مجدداً على ضرورة اتّخاذ إجراءات فورية وغير مسبوقة لتخفيف الانبعاثات. إن الامتثال لغايات عام 2030 المتعلقة بالمساهمات الحالية المحددة وطنياً والتفوق عليها سيمكّن البلدان من وضع غايات أكثر طموحاً لتخفيف الانبعاثات بحلول عام 2035 فيما يتعلق بمساهماتها المحددة وطنياً في المستقبل، كما سيزيد من إمكانية تحقيق هذه الغايات الطموحة بحلول عام 2035.
- إن النظر إلى ما بعد عام 2035 وتحديداً إلى سيناريوهات منتصف القرن (الجدول م ت - 1) من شأنه أن يعزز هذه النتائج ويبيّن ضرورة دعم المصداقية في التعهدات المقطوعة للوصول إلى الصافي الصفري إمكانية تطبيق هذه التعهدات. لن يتم تخفيض إجمالي الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في عام 2050 وتقريبها من مسارات الوصول إلى 1.5–2 درجة مئوية ما لم يتم تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً المشروطة بالكامل وبالتوازي مع الوفاء بجميع التعهدات المقطوعة للوصول إلى الصافي الصفري.
الجدول م ت - 2 الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة في أعوام 2030 و2035 و2050 وخصائص الاحترار العالمي للمسارات الأقل تكلفة ابتداءً من عام 2020 بما يتوافق مع الحد من الاحترار العالمي لحدود درجات حرارة محددة
7. وإذا ما بقيت السياسات الحالية سارية، فمن المتوقع أن يبقى الاحترار العالمي محدوداً بِـ 3 درجات مئوية، ولكن الوفاء بجميع التعهدات المشروطة وغير المشروطة بحلول عام 2030 سيؤدي إلى خفض هذا التوقع إلى 2.5 درجة مئوية، مع إمكانية إيصاله إلى 2 درجة مئوية إذا ما تم الوفاء بجميع التعهدات الإضافية المتعلقة بالصافي الصفري.
- من المُقدّر أن الاستمرار في بذل جهود ثابتة لتخفيف آثار تغير المناخ على النحو المنصوص عليه في السياسات الحالية سيجعل توقعات الاحترار العالمي محدودة عند 3 درجات مئوية (ضمن نطاق بين 1.9 و3.8 درجة مئوية) طيلة القرن مع احتمال بنسبة 66 في المائة. لكن من المتوقع أن يزداد الاحترار بعد عام 2100 لأنه من غير المتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات الصافي الصفري.
- إن الاستمرار بسيناريو المساهمة المحددة وطنياً غير المشروطة سيؤدي إلى خفض الاحترار المُتوقَّع إلى 2.9 درجة مئوية (ضمن نطاق بين 2 و3.7 درجة مئوية)، في حين أن تحقيق إنجازات إضافية ومواصلة الالتزام بالمساهمات المحددة وطنياً المشروطة سوف يخفّض الاحترار بحوالي 0.4 درجة مئوية وصولاً إلى 2.5 درجة مئوية (ضمن نطاق بين بين 1.9 و3.6 درجة مئوية).
- في ظل السيناريو الأكثر تفاؤلاً حيث يتم افتراض التطبيق الكامل لجميع المساهمات المحددة وطنياً المشروطة وجميع التعهدات بتحقيق الصافي الصفري، بما في ذلك التعهدات المقطوعة في إطار استراتيجيات التنمية طويلة الأمد ومنخفضة الانبعاثات، فمِن المتوقع أن يبقى الاحترار العالمي مقصوراً على 2 درجة مئوية (ضمن نطاق بين 1.8 و2.5 درجة مئوية) مع احتمال بنسبة 66 في المائة طيلة القرن. ومع ذلك، تبقى التعهدات بتحقيق الصافي الصفري غير مؤكدة إلى حد كبير كما ذكر أعلاه.
- حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلاً الذي يتناوله هذا التقرير، فإن احتمال الحد من الاحترار العالمي بمستوى 1.5 درجة مئوية لا يتجاوز 14 في المائة، وإن السيناريوهات المختلفة تترك البابَ مفتوحاً أمام احتمال كبير بأن يتجاوز الاحترار العالمي 2 درجة مئوية أو حتى 3 درجات مئوية. وهذا ما يفسّر بشكل أوضح ضرورة خفض الانبعاثات العالمية والوصول بها في عام 2030 إلى أقل من المستويات المرتبطة بالتنفيذ الكامل للمساهمات المحددة وطنياً في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الحاجة لتوسيع التعهدات بتحقيق الصافي الصفري وجعلها تغطي جميع انبعاثات غازات الدفيئة وكذلك إنجاز هذه التعهدات.
- إن التوقعات الأساسية لدرجة الحرارة الواردة في هذا التقرير أعلى قليلاً مما كانت عليه في إصدار عام 2022 لتقرير فجوة الانبعاثات، إذ اشتمل هذا التقرير على عدد أكبر من النماذج في تقدير الانبعاثات المستقبلية. ومع ذلك فإن التوقعات تتوافق مع تلك الواردة في تقييمات هامة أخرى، مثل سيناريو التعهدات المعلنة (APS) لعام 2023 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة، ومشروع "Climate Action Tracker"، وتقرير "NDC Synthesis Report" لعام 2023 الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويجدر الانتباه إلى أن التوقعات بشأن درجة الحرارة الواردة في هذه التقارير تتضمن احتمالات بنسبة 50 في المائة بدلاً من 66 في المائة.
8. إن الفشل في اتّخاذ إجراءاتٍ صارمة لخفض الانبعاثات في البلدان مرتفعة الدخل ومنع الانبعاثات من الارتفاع بشكل أكبر في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يشير إلى ضرورة اتّخاذ جميع البلدان إجراءاتٍ عاجلة للتسريع في التحولات منخفضة الكربون وتبنّيها على نطاق الاقتصاد بأكمله من أجل تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
- إن إنجاز التغيير التحويلي يتطلب تعاوناً عالمياً غير مسبوق يعكس مبدأ اتفاق باريس المتمثل في المسؤوليات المشتركة والمتباينة بنفس الوقت والقدرات الخاصة بكل طرف في ضوء الظروف الوطنية. وينطوي هذا المبدأ على أن البلدان التي تتمتع بقدرات أفضل ومسؤولية تاريخية أكبر عن الانبعاثات سوف تكون معنية باتّخاذ إجراءات أسرع وأكثر طموحاً بغية تحديد المسار نحو التنمية الخالية من الوقود الأحفوري وإثبات قابلية استمرار هذا النوع من التنمية، ويتعلق ذلك خصوصاً بالبلدان الأعضاء مرتفعة الدخل وعالية الانبعاثات في مجموعة العشرين. ومع ذلك، فإن هذا لن يكون كافياً لأن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تساهم حالياً بأكثر من ثلثي الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة. وبناء على ذلك، فإن ميثاق التضامن المناخي الذي اقترحه الأمين العام للأمم المتحدة يحض جميع البلدان المسببة لانبعاثات عالية إلى بذل جهود إضافية لخفض الانبعاثات، ويدعو البلدان الأكثر ثراءً إلى توفير الموارد المالية والتقنية لدعم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في إنجاز التحول، وهذا يعكس تبايناً في الجداول الزمنية للبلدان المختلفة.
- تشكل الطاقة المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة إذ تمثل حالياً 86 في المائة من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون. إن كميات الفحم والنفط والغاز التي يتم استخراجها من المناجم والحقول التي كانت منتجة أو قيد الإنشاء حتى عام 2018 من شأنها أن تسبب انبعاثات تتجاوز 3.5 أضعاف ميزانية الكربون المتاحة للحد من الاحترار عند مستوى 1.5 درجة مئوية مع احتمال بنسبة 50 بالمائة، وتقارب حجم الميزانية المتاحة للوصول إلى 2 درجة مئوية مع احتمال بنسبة 67 بالمائة. ( الشكل م ت - 5). وبالتالي فإن التحول العالمي لأنظمة الطاقة هو أمر ضروري، بما في ذلك في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل حيث هناك أهداف إنمائية ملحة ينبغي تحقيقها بالتوازي مع التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.
لشكل م ت - 5 : انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن البنية التحتية الحالية للوقود الأحفوري بالمقارنة مع ميزانيات الكربون التي تعكس الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
لشكل م ت - 5 انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن البنية التحتية الحالية للوقود الأحفوري بالمقارنة مع ميزانيات الكربون التي تعكس الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
9. تواجه البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تحديات اقتصادية ومؤسسية كبيرة على مستوى تحولات الطاقة منخفضة الكربون، ولكن أمام هذه البلدان بعض الفرص التي يمكن استغلالها
- تتشكّل تحولات الطاقة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بفعل الهدف الجامع المتمثل بمواصلة التنمية. وتواجه البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل العديدَ من التحديات المشتركة المتمثلة في ضرورة انتشال ملايين السكان من الفقر وفي الحاجة إلى توسيع الصناعات الاستراتيجية والتوسع الحضري والتعامل مع التحديات السياسية التي تواجهها عملية التحول بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري. وإن تلبية احتياجات الطاقة الأساسية لدى الأشخاص الذين يعيشون في الفقر ستترافق مع أثر محدود على الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة. ومع ذلك يفتقر اليوم 2.4 مليار شخص إلى إمكانية الوصول إلى الطهو النظيف ويفتقر 775 مليون شخص إلى الكهرباء، مع تأثر النساء والأطفال أكثر من سواهم. إن تلبية احتياجات الطاقة من أجل تحقيق تنمية بشرية أوسع ستؤدي إلى نمو كبير في الطلب على الطاقة، إلا أن هناك مجال لتلبية هذا النمو بشكل أكثر كفاءة وإنصاف وبالاعتماد على الطاقة منخفضة الكربون، وهذا الأمر أصبح ممكناً بفضل انخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة.
- تتنوع الظروف الوطنية مع اختلاف الثروات الطبيعية والظروف الاقتصادية وتؤثر في مسارات تحول الطاقة. وغالباً ما تكون القدرات والمؤسسات ضعيفة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وقد تواجه المزيد من التحديات الاقتصادية والسياسية المختلفة مقارنةً بالبلدان مرتفعة الدخل، خاصةً فيما يتعلق بالسرعة المطلوبة للقيام بعملية التحول.
الشكل م ت - 6: المتوسط المرجح لتكلفة رأس المال لمشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية مقابل نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي لمجموعة بلدان محددة في عام 2021
الشكل م ت - 6 المتوسط المرجح لتكلفة رأس المال لمشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية مقابل نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي لمجموعة بلدان محددة في عام 2021
- تعد البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل من الشريحة الدنيا في أمسّ الحاجة إلى تمويل مُيسَّر بسبب ما تتحمّله من ديون بالفعل، وتتلقى استثمارات أقل من البلدان الأخرى في مجال الطاقة النظيفة، وهي أكثر تأثراً بالأسواق المتقلبة للوقود الأحفوري سواء كانت بلدان مصدرة أو مستوردة، وقد تواجه في المستقبل مشكلة أصول عالقة في مجال الوقود الأحفوري. وبالمقابل فإن البلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا عادةً ما تكون قد قطعت شوطاً أكبر في بناء اقتصادات قائمة على الطاقة النظيفة، إلا أن هذه البلدان ما زالت تواجه مخاطر الأصول العالقة مع تداعيات متصلة بالتوظيف وصدمات على مستوى الاقتصاد الكلي.
- وبالتالي فإن الوصول إلى التمويل المُيسَّر يشكل شرطاً أساسياً لرفع الطموح الرامي إلى تخفيف آثار تغير المناخ في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ومع ذلك ترتفع تكاليف رأس المال في هذه البلدان لتصل إلى سبعة أضعاف مقارنةً بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا (الشكل م ت - 6). ولذلك لا بد من زيادة حجم المساعدات المالية الدولية بشكل كبير مقارنةً بالمستويات الحالية، وينبغي أيضاً إعادة توزيع مصادر رأس المال العامة والخاصة الجديدة بشكل أفضل لتوجيهها نحو البلدان منخفضة الدخل، وإعادة هيكلة هذه المصادر من خلال اعتماد آليات التمويل التي تعمل على خفض تكاليف رأس المال. تشمل هذه التدابير تمويلَ الديون، وزيادة التمويل المُيسَّر طويل الأمد، وتوفير الضمانات والتمويل التحفيزي.
10. أي تأخير إضافي في اتّخاذ إجراءات صارمة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي من شأنه أن يزيد الاعتماد في المستقبل على إزالة ثاني أكسيد الكربون بُغية تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
- يجب اتّخاذ إجراءات فورية وصارمة لخفض الانبعاثات بهدف سد فجوة الانبعاثات والحفاظ على إمكانية تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة. إن أقل المسارات تكلفة والتي تبدأ في عام 2020 اتّساقاً مع تحقيق هذا الهدف تتطلب جميعها تخفيض الانبعاثات بشكل فوري وعميق، وتعتمد على إزالة ثاني أكسيد الكربون بكميات متزايدة مع مرور الوقت (الشكل م ت - 7). ومع التأخر في تنفيذ الإجراءات الصارمة لتخفيف آثار تغير المناخ، من المرجح أن تزداد الحاجة إلى إزالة ثاني أكسيد الكربون على المدى الطويل.
- تُعد إزالة ثاني أكسيد الكربون أمراً ضرورياً من أجل تحقيق الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس، ذلك أن الوصول بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصافي الصفري مطلوب لتثبيت الاحترار العالمي، أما الوصول بانبعاثات غازات الدفيئة إلى الصافي الصفري فمن شأنه أن يُحدث ذروة في الاحترار العالمي يليها انخفاض. ونظراً لاستحالة القضاء بشكل كامل على جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو سائر انبعاثات غازات الدفيئة من خلال اتّخاذ إجراءات صارمة لخفض الانبعاثات، فلا بد من موازنة الانبعاثات المتبقية عن طريق عمليات الإزالة من الغلاف الجوي، أي من خلال إزالة ثاني أكسيد الكربون بهدف الوصول بالانبعاثات إلى الصافي الصفري.
الشكل م ت - 7 : دور الإجراءات الرامية إلى خفض الانبعاثات وإزالة ثاني أكسيد الكربون في أقل المسارات تكلفة اتّساقاً مع الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
الشكل م ت - 7 دور الإجراءات الرامية إلى خفض الانبعاثات وإزالة ثاني أكسيد الكربون في أقل المسارات تكلفة اتّساقاً مع الهدف طويل الأمد لاتفاق باريس فيما يتعلق بدرجة الحرارة
- تنتشر الإجراءات الرامية لإزالة ثاني أكسيد الكربون حالياً، ويتم تنفيذها بشكل رئيسي من خلال أساليب قائمة الأراضي مثل التشجير وإعادة التشجير وإدارة الغابات الموجودة، وهي منفذة بمعظمها في البلدان النامية. وتُقدَّر عمليات الإزالة المباشرة التي تنفذ حالياً من خلال أساليب تقليدية قائمة على الأراضي بنحو 2.0 (±0.9) جيغا طن من مكافيثاني أكسيد الكربون سنوياً، تتم بأكملها تقريباً من خلال أساليب تقليدية قائمة على الأراضي. وعمليات الإزالة المباشرة من خلال وسائل مبتكرة خاصة لهذا الغرض مثل احتجاز الكربون وتخزينه، والفحم الأحيائي، واحتجاز الكربون وتخزينه مباشرة في الهواء، والتجوية المعززة، هي ضئيلة جداً إذ تبلغ 0.002 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن أقل المسارات تكلفة للوصول إلى مستويات 1.5 درجة مئوية و2 درجة مئوية تفترض حدوث زيادات كبيرة في الوسائل التقليدية والمبتكَرة المستخدمة في إزالة ثاني أكسيد الكربون مع مرور الوقت (الشكل م ت - 7). ووفق هذه المسارات، يمكن إزالة ما يصل إلى 6 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً باستخدام أساليب تقليدية بحلول عام 2050 وفق هذه المسارات، ويمكن إزالة ما يصل إلى 4 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً باستخدام أساليب مبتكَرة بحلول عام 2050. إن إزالة ثاني أكسيد الكربون باستخدام أساليب تقليدية قائمة على الأراضي لها تأثير كبير في الأجل القريب والمتوسط، أما إزالة ثاني أكسيد الكربون باستخدام أساليب مبتكَرة فلها تأثير كبير في وقت لاحق من هذا القرن للوصول بالانبعاثات إلى الصافي السلبي، والجدير بالذكر أن المستويات تعتمد على افتراضات ضمنية اقتصادية وتكنولوجية وترتبط بحجم الانخفاض الممكن في درجة الحرارة بعد تحقيق الصافي الصفري في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
- إن النجاح في إزالة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون تُقدَّر بالجيغا طن في وقتٍ لاحق من هذا القرن من خلال مسارات متّسقة مع اتفاق باريس ما زال غير مؤكد وهو يرتبط بمخاطر عديدة. وإن الاعتماد المتزايد على أساليب تقليدية قائمة على الأراضي لإزالة ثاني أكسيد الكربون ليس مضموناً بسبب جملة من القضايا، مثل المنافسة على الأراضي، وصون حقوق المجتمعات الأصلية والتقليدية وحيازة الأراضي الخاصة بتلك المجموعات، بالإضافة إلى قضايا الاستدامة والتنوع البيولوجي ومخاطر الديمومة في إزالة ثاني أكسيد الكربون القائمة على الغابات، بما في ذلك حرائق الغابات وغيرها من الاضطرابات. وما زالت الأساليب المبتكَرة لإزالة ثاني أكسيد الكربون في مرحلة مبكرة من التطوير عموماً، وهي ترتبط بأنواع مختلفة من المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم تحقق المتطلبات الفنية والاقتصادية والسياسية اللازمة لنشر هذه الأساليب على نطاق واسع في الوقت المناسب. علاوة على ذلك، ما زالت حالة الشك قائمة فيما يتعلق بتقبُّل هذه الأساليب على المستوى العام، وخاصة بالنسبة للنُّهُج التي تنطوي على احتجاز الكربون وتخزينه أو أسلوب المحيط المفتوح. ويمكن أن تؤثر هذه المخاطر بشكلٍ سلبي على إمكانيات التوسع في هذه الأساليب على الرغم من القدرات التقنية المتاحة.
- بهدف تحفيز الابتكار وتمكين النهوض بالتكنولوجيا المبتكَرة لإزالة ثاني أكسيد الكربون، يجب أن تخضع وسائل التكنولوجيا هذه لمرحلة التطوير أولاً، وهذا يتطلب دعماً سخياً من الناحية السياسية والمالية. ونظراً للوقت الذي تستغرقه وسائل التكنولوجيا لبلوغ مرحلة النضج، سيكون العقد القادم حاسماً بالنسبة للأساليب المبتكرة في إزالة ثاني أكسيد الكربون. إن الفشل في خلق الزخم لمرحلة التطوير هذه سيؤدي إلى اتساع الفجوة بين ما هو مطلوب وما هو متاح من وسائل مبتكرة لإزالة ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050 وما بعده.
- ويقود ذلك إلى أربعة مجالات مهمة للعمل السياسي، وهي:
- تحديد أولويات إزالة ثاني أكسيد الكربون وتوضيحها
- تطوير أنظمة قوية للقياس والإبلاغ والتحقق من أجل تعزيز المصداقية
- تسخير أوجه التآزر والمنافع المشتركة مع جهود أخرى
- تسريع الابتكار.